للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يتمكن منها، فقصد الزهراء فاستولى عليها فى يوم السبت لستّ بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعمائة، وقتل من بها من الجند، وأخذ فى قتال أهل قرطبة، وواضح يتولّى حربه. ثم رحل البربر من الزهراء لخمس بقين من شعبان، وجعلوا يغيرون على البلاد ويخرّبون، فانضم أهل البوادى إلى قرطبة خوفا منهم، فصاروا أكثر من أهلها، وغلت الأسعار فمات أكثرهم جوعا. وقطع البربر الميرة عن قرطبة، فاشتد بها الغلاء فبيع مدّ القمح- وهو قفيزان ونصف بالقروى- بثلاثمائة دينار دراهم وهى مائة مثقال عينا. وجاءت رسل ابن مادويه يستنجزون تسليم الحصون إليه على أن لا يغزوهم ولا يتعرض لشىء من ثغورهم، فرضوا بهدنة وسلّموا إليه مدنا كثيرة وأكثر من مائتى حصن مما افتتحه الحكم بن عبد الرحمن ومحمد بن أبى عامر.

وسمع ابن شالوس «١» بما تسلّم ابن مادويه من الحصون، فكاتب على حصون أخرى وتوعّد وتهدّد، فأجيب إلى ما سأل وسلّمت إليه.

وأخرب البربر مدنا جليلة، وقتلوا أكثر أهلها، ولم تسلم منهم إلا طليطلة ومدينة سالم، وبلغت خيلهم أندراوه «٢» وما وراءها حتى إنّ الراكب يسير شهورا لا يرى أحدا فى قرية ولا طريق. قال «٣» :

واستخف جند قرطبة بواضح حتى صاروا/ يصرحون بسبّه، فعزم على مراسلة البربر فى الصلح لما رأى من اضطراب الجند عليه