للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم، فجمعهم ونادى: «أيتها الحيات والسباع، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ارحلوا عنّا إنا نازلون. ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه» . فنظر الناس فى ذلك اليوم إلى السباع تحمل أشبالها، والذئاب تحمل أجراءها، والحيات تحمل أولادها. فأسلم كثير من البربر. ونادى عقبة فى الناس «كفّوا عنهم حتى يرتحلوا عنا» . فلما خرج ما فيها من ذلك، جمع عقبة وجوه أصحابه ودار بهم حول المكان وأقبل يدعو الله ويقول: «اللهم املأها علما وفقها، واعمرها بالمطيعين والعابدين، وامنعها من جبابرة الأرض» . ثم نزل عقبة الوادى.

وأمر الناس أن يختطوا ويقلعوا الشجر. قال: فأقام أهل إفريقية بعد ذلك أربعين سنة لا يرون بها حية ولا عقربا.

قال: واختط دار الإمارة والمسجد الأعظم، ولم يحدث فيه بناء، وكان يصلى فيه وهو كذلك. فاختلف الناس فى القبلة وقالوا: «إن أهل الغرب يضعون قبلتهم على قبلة هذا المسجد، فاجهد نفسك فى أمرها» . فأقاموا مدة ينظرون إلى مطالع الشتاء والصيف من النجوم ومشارق الشمس. فلما رأى عقبة الاختلاف اهتم لذلك وسأل الله تعالى، فأتاه آت فى منامه فقال له: «يا ولىّ رب العالمين، إذا أصبحت فخذ اللواء واجعله على عنقك، فإنك تسمع بين يديك تكبيرا لا يسمعه غيرك. فالموضع الذى ينقطع عنك التكبير فهو قبلتك ومحرابه مسجدك «١» . وقد رضى الله عز وجل أمر هذه المدينة وهذا المسجد. وسوف يعزّ بها دينه ويذل بها من كفره إلى آخر الدهر» .

فاستيقظ من منامه وقد جزع جزعا شديدا. فتوضأ وأخذ فى