للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المهدى من أهل الجبل. فخرج يوما لصلاة الصبح، فرأى إلى جانب محرابه إنسانا طيب الرائحة، فأظهر أنه لا يعرفه وقال: «من هذا؟» قال: «أنا أبو عبد الله الونشريسى» . فقال له المهدى: «إن أمرك لعجيب» . ثم صلى. فلما فرغ من صلاته نادى فى الجبل. فاجتمع الناس وحضروا إليه. فقال لهم:

«إن هذا الرجل يزعم أنه الونشريسى، فانظروه وحققوا أمره» .

فلما أضاء النهار عرفوه. فقال له المهدى: «ما قصتك؟» قال: «إننى أتانى الليلة ملك من السماء، فغسل قلبى، وعلمنى القرآن والموطأ وغيره من العلوم والأحاديث» . فبكى المهدى بحضرة الناس ثم قال: «نمتحنك؟» فقال: «افعل» .

وابتدأ بقراءة القرآن فقرأه قراءة حسنة من أى موضع سئل.

وكذلك الموطأ وغيره وكتب الفقه والعلوم والأصول. فعجب الناس من ذلك واستعظموه.

ثم قال: «إن الله قد أعطانى نورا أعرف به أهل الجنة من أهل النار، وآمركم أن تقتلوا أهل النار وتتركوا أهل الجنة، قد أنزل الله تعالى ملائكة إلى البئر الفلانية يشهدون بصدقى» .

فسار المهدى والناس معه وهم يبكون إلى تلك البئر. ووقف عند رأسها وصلى وقال: «يا ملائكة الله، إن أبا عبد الله قد زعم كيت وكيت» . فسمع من أسفل البئر: «صدق، صدق» وكان قد رتب بها رجالا يفعلون ذلك. فلما تكلموا قال المهدى: «إن هذه البئر بئر مطهّرة مقدّسة قد نزل إليها