للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخراجنا من بلادنا، وإنهم لا يفون بأيمانهم» . فقال: «يأخذ الله تعالى الغادر» . فلما كانت الليلة الثانية، هربوا إلى عشائرهم ودخلوا البر، ولم يبق منهم إلا يوسف بن مالك، فسماه عبد المؤمن يوسف الصادق. ولم يحدث فى أمرهم شيئا.

وسار مغربا يحث السير حتى قرب من القسنطينة، ونزل فى موضع مخصب يقال له وادى النساء «١» . فأقام به وضبط الطرق فلا يسير أحد البتة «٢» ودام هناك عشرين يوما. وانقطع خبره عن جميع الناس لا يعرفون للعسكر خبرا مع كثرته وعظمه، ويقولون:

«ما أزعجه إلا خبر وصله من الأندلس» . فعادت العرب الذين أجفلوا منه من البرية إلى البلاد لما أمنوا جانبه.

فلما علم برجوعهم جهز إليهم ولديه أبا محمد وأبا عبد الله فى ثلاثين ألفا من أعيان الموحدين وشجعانهم. فجدوا السير وقطعوا المفاوز. فما شعرت العرب إلا والجيش قد أقبل، وجاء من ورائهم من جهة الصحراء من يمنعهم من الدخول إليها، وكانوا قد نزلوا جنوبا من القيروان عند جبل القرن، وهم زهاء ثمانين ألف بيت، ومشاهير مقدميهم محرز بن زياد وجبارة بن كامل ومسعود بن زمام وغيرهم. فلما أطلت عليهم العساكر اضطربوا وماجوا واختلفت كلمتهم. ففر «٣» مسعود وجبارة ومن معهما من