للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى صاحب الزنج فلم يلبث أن مات بحضرته، فصلّى عليه وعظمت لديه المصيبة بموته، وكان أعظم أصحابه غناء، وانصرف الموفّق إلى معسكره وقت المغرب، وأمر أصحابه بالتحارس ليلتهم والتأهّب للحرب، فلما أصبحوا- وذلك في يوم السبت لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر- عبىّ الموفّق أصحابه، وجعلهم كتائب يتلو بعضها بعضا فرسانا ورجّالة، وأمر بالشذاوات والسميريّات أن يسار بها إلى النهر، الذى يشقّ مدينة سليمان، وهو النهر المعروف ينهر المنذر، ورتّب أصحابه في المواضع التى يخاف منها، ثم نزل فصلّى أربع ركعات وابتهل إلى الله عزّ وجلّ في النصر ثم لبس سلاحه، وأمر ابنه أبا العبّاس أن يتقدّم إلى السور، فتقدّم إليه فرأى خندقا فأحجم الناس عنه، فحرّضهم قوّادهم وترجّلوا معهم فاقتحموه وعبروه، وانتهوا إلى الزنج وهم على سورهم، فلمّا رأى الزنج تسرّعهم إليهم ولّوا منهزمين، واتبعهم أصحاب أبى العبّاس فدخلوا المدينة، وكان الزنج قد حصّنوها بخمسة خنادق، وجعلوا أمام كل خندق سورا، فجعلوا يقفون عند كل سور وخندق فيكشفهم أصحاب أبى العبّاس، ودخلت الشذاوات والسميريّات المدينة من النهر. فجعلت تغرق كل ما مرّت لهم به من سميريّة وشذاة، وقتلوا من بجانبى النهر وأسروا، حتى أجلوهم عن المدينة وعمّا اتصل بها، وكان مقدار العمارة بها فرسخا، وحوى الموفّق ذلك كلّه، وأفلت سليمان بن جامع ونفر من أصحابه، وكثر القتل فيهم والأسر، واستنقذ أبو أحمد من نساء أهل واسط والكوفة والقرى وصبيانهم