للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاج من مكة ثانى ذلك اليوم، ومعه قافلة عظيمة، فزاد ذلك في شغل قلب أبى الهيجاء لخوفه عليه، ولم يظهر ذلك لحاتم ولا لغيره ثم ارتحل فلم يعترض عليه، فلما صار حاتم بالثعلبيّة أنهى إليه شىء من أخبار القرامطة وأنّهم بلبنه، وكان القرمطى رحل من بلده في ستمائة فارس وألف راجل، وسار حاتم فاجتاز بالهبير ليلا فلم ينزله، وسار حتى نزل الشقوق، وأغذّ السير وسلّمه الله ومن معه، ونزلت بفيد قافلة أخرى من غد رحيل حاتم من الخراسانيّة، ثم ساروا عنها حتى إذا كانوا بالهبير ظهر لهم أبو طاهر سليمان القرمطى، فقتل بعضهم وأفلت البعض حتى وردوا الكوفة، فاشتد خوف الناس بالكوفة على الحاج واضطربوا، إلا أن نفوسهم قويّة بمقام أبى الهيجاء بفيد، وكان أبو الهيجاء قد أنفذ رجلا طائيا يعرف له أخبار القرامطة، يقال له مسبع بن العيدروس من بنى سنبس- وكان خبيرا بالبرّ، وتقدّم إليه أن يسرع إليه بالخبر ويعدل عن الطريق، ومعه جماعة قد أزاح عللهم في الرزق والمحمل، فساروا حتى قربوا من لبنه فنزل إليهم فارسان، فركبوا خيولهم وتلقّوهما فتطاردوا، وقصّرا في الركض وهبطا واديا خلفهما وخرجا منه، ولحقتهم الخيل فساروا على أرض جدب، فدفع عليهم نحو من سبعين فارسا، فلم ينته حتى طعنت فيهم وضربت، فرجع القوم على خيل مطرودة وخيول القرامطة مستريحة، فبالغوا في دفعهم بكل جهد فلم تك إلا ساعة حتى قتلوا جميعا، وأسروا مسبعا دليل القوم فحملوه إلى لبنه، فسأله القرمطى وقال: إن صدقتنى أطلقتك، فلما أخبره أمر بحفظه، قال: ولم بمض لأبى الهيجاء يومان بعد إرسال الطليعة حتى وردت قوافل الحاج