للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهود، وبهم حاجة إلى الحكم فيما فيه شبهة أو خلاف لرفع، وإنما يخافون من خصم حادث (١) .

وقال في الفروع: وإن قال المدعي «ما لي بينة» ، أعلمه الحاكم بأن له اليمين على خصمه، قال: وله تحليفه مع علمه قدرته على حقه، نص عليه نقل ابن هانئ: إن علم عنده مالا لا يؤدي إليه حقه أرجو ألا يأثم، وظاهر رواية أبي طالب يكره، وقاله شيخنا: ونقله من حواشي تعليق القاضي، وهذا يدل على تحريم تحليف البريء، دون الظالم اهـ (٢) .

قال ابن القيم رحمه الله: ولما كانت أفهام الصحابة رضي الله عنهم فوق أفهام جميع الأمة وعلمهم بمقاصد نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وقواعد دينه وشرعه أتم من علم كل من جاء بعدهم عدلوا عن ذلك إلى غير هذه المواضع الثلاثة (٣) ، وحكموا بالرد مع النكول في موضع، وبالنكول وحده في موضع، وهذا من كمال فهمهم وعلمهم بالجامع والفارق والحكم والمناسبات، ولم يرتضوا لأنفسهم عبارات المتأخرين واصطلاحاتهم وتكلفاتهم، فهم كانوا أعمق الأمة علما، وأقلهم تكلفا والمتأخرون عكسهم في الأمرين.

فعثمان بن عفان قال لابن عمر: احلف بالله لقد بعت العبد وما به داء علمته، فأبى فحكم عليه بالنكول، ولم يرد اليمين في هذه الصورة على المدعي ويقول له: احلف أنت أنه كان عالما بالعيب، لأن هذا مما لا يمكن أن يعلمه المدعي ويمكن المدعى عليه معرفته، فإذا لم يحلف المدعى عليه لم يكلف المدعي اليمين، فإن ابن عمر قد باعه بالبراءة من العيوب، وهو إنما يبرأ إذا لم يعلم بالعيب فقال له:


(١) إنصاف (١١/ ٢٤٨-٢٥٠) ، ف (٢/٤١٩) .
(٢) إنصاف (١١/ ٢٥١) .
(٣) الطرق الحكمية (١٢٢، ٢٢٣، ١١٦) ، ف (٢/ ٤١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>