للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» و «من حلف بغير الله فقد أشرك» .

[[الحلف بغير الله، والحلف بالأمانة]]

فليس لأحد أن يحلف لا بملك ولا نبي ولا غير ذلك من المخلوقات، ولا يحلف إلا باسم من أسماء الله، أو صفة من صفاته. وقد روي: «من حلف بالأمانة فليس منا» فمن حلف بالأمانة لا يدري ما حلف به أو عنى به مخلوقا فقد أساء. وإن أراد بها صفة من صفات الله نحو: وأمانة الله، أو عظمته؛ جاز ذلك.

وهل الحلف بغير الله محرم، أو مكروه؟ على قولين: الأول أصح، وكان السلف يعزرون من يحلف بالطلاق. وكل ما سوى الله يدخل في [ذلك] :مثل الكعبة، والكرسي، والملائكة، والنبيين، والملوك، ونعمة السلطان، أو الشيخ، أو تربة أبيه، ونحو ذلك ولكن في الحلف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة نزاع.

[[قد يستحب الحلف]]

وكثرة الحلف مكروه ولكن قد يستحب إذا كان فيه مصلحة شرعية كما أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [٥٣/١٠] ، {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [٤/٦٧] ، {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [٣/٣٤] (١) .

[قول القائل: اللهم أمنا مكرك ... ]

وقول القائل: «اللهم أمنا مكرك ولا تؤمنا مكرك» له معنيان: أحدهما صحيح، والآخر فاسد. فإن أراد لا تؤمنا مكرك: أي لا تجعلنا نأمنه؛ بل اجعلنا نخافه فالمؤمن يخاف مكر الله. ومكر الله أن يعاقبه على سيئاته والكافر لا يخشى الله فلا يخاف مكره، ومكره أن يعاقبه على الذنب لكن من حيث لا يشعر.

وقوله: «أمنا مكرك» يريد قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} [٨٢/٦] يجعل له أن يمكر بهم وإن كانوا يخافون المكر، فيكون حقيقة قوله:


(١) مختصر الفتاوى ص٥٤٨. للفهارس العامة جـ١/١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>