للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضر وزيادة الأركان والشروط في العبادات؛ فإن من قال: «هذا نسخ» قال: لأن الخطاب الأول اقتضى الصحة والإجزاء مع الوجوب وقد ارتفع بالزيادة الصحة والإجزاء. وقد أجاب أبو محمد عن هذا بأن النسخ رفع جميع موجب الخطاب لا رفع بعضه، إذ رفع بعضه كتخصيص العموم وترك المفهوم، وبأنه لو كان نسخا فإنما يكون إذا استقر وثبت، ومن المحتمل أن دليل الزيادة كان مقارنا.

والتحقيق: أن الكلام في مقامين، أحدهما: أن الصحة والأجزاء من مدلول الخطاب فقط، أم من مدلول العقل، والثاني: أنه إذا كان من مدلول الخطاب فرفع بعضه هو كتخصيص العموم (١) يفرق فيه بين ما ثبت أنه مراد؛ فإن مسألة الزيادة على النص إذا رفعت بعض موجب الخطاب هي بمنزلة تخصيص العموم، فالزيادة على الخطاب بالتقييد كالنقص منه بالتخصيص. وهذه المسألة هي بعينها مسألة تقييد المطلق؛ فإن ذلك زيادة في اللفظ ونقص في المعنى، كالزيادة في الحد فإنها نقص في المحدود. والتخصيص زيادة خطاب تنقص الخطاب الأول.

فنقول: أما «المقام الأول» : فإن الصحة حصول المقصود، والإجزاء حصول الامتثال، وهذا يستفاد من معرفة المقصود والأمر، وهو إنما يعلم بالعقل مع الاستصحاب؛ فإنه لا بد أن يقال: لم يؤمر إلا بهذا، وقد امتثل، وليس المقصود إلا هذا، وقد حصل، فالعلم بالمثبت من جهة الخطاب، وبالمنفي من جهة الاستصحاب والمفهوم، فإذا أوجب زيادة رفعت موجب الاستصحاب والمفهوم، وإذا جعلها شرطا رفعت الحكم المركب من السمع والعقل، فلم ترفع حكما سمعيا؛ بل إنما رفعت ما ثبت بالاستصحاب والمفهوم، فإنه بهما تثبت الصحة


(١) نسخة: «فرفع بعضه تخصيص يفرق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>