للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخصيصا، وإن لم نجوز تخصيصها فهو نسخ. والذي ذكره أصحابنا والشافعية والمالكية عن الحنفية أنهم احتجوا بحديث الوضوء بالنبيذ، فقيل لهم: ذلك كان نيئا وعندكم لا يجوز الوضوء بالنَّيِّئ. فقالوا: إذا ثبت الوضوء بالنَّيِّئ في ذلك الوقت ثبت الوضوء بالمطبوخ، لأن أحدا لا يفرق بينهما في ذلك الوقت، ثم نسخ النيئ وبقي المطبوخ. فقال أصحابنا وموافقوهم: إذا كان ثبوته بثبوته كان زواله بزواله.

قال شيخنا: قلت: الذي ذكره الحنفية جيد، لو فرض أنه لم يحرم من الأنبذة إلا النيئ، وذلك أنه على هذا التقرير جاز التوضؤ بهما إذ ذاك ثم صار الأصل حراما دون الفرع، فالمعنى الناسخ اختص به الأصل دون الفرع، وكذلك قولهم في مسألة التبييت في صوم عاشوراء، فإنه إذا ثبت أن صوما واجبا يجزئ بغير تبييت كان حكم سائر الصوم الواجب كذلك ثم نسخ الحكم في الأصل وإنما هو لزوال وجوبه.

والتحقيق أن هذا ليس من باب نسخ الحكم في الأصل وإنما هو من باب نسخ الأصل نفسه؛ فإن الشارع تارة ينسخ الحكم مع بقاء الأصل فهنا لا يقع ريب أن الفرع يتبعه. وتارة يرفع الأصل فلا يلزم رفع الحكم بتقدير وجود الأصل.

والمسألة محتملة، إذ لقائل أن يقول: لو بقي الأصل فقد كان يبقى حكمه وقد لا يبقى. ومن هذا الباب حديث معاذا إذا قيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاه عن الإمامة بهم (١) .

[شيخنا] : فصل

بيان الغاية المجهولة مثل التي في قوله: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [١٥/٤] نسخ عند القاضي وغيره، وقال: الناسخ قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [٢/٢٤] ، قال: لأن هذه الغاية مشروطة في


(١) المسودة ص ٢١٦-٢١٨ ف ٢/٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>