للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول أنس في الصف بين السواري: «كنا نطرد عن هذا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» كذا ذكر الغزالي وأبو محمد قوله: «وقت لنا» (١) .

[شيخنا] : ... ... ... فصل

[[كنا نفعل كذا على عهد الرسول حجة من وجهين]]

قول الصحابي: «كنا نفعل كذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -» يحتج به من وجهين. من جهة: أن فعلهم حجة كقولهم، ومن جهة: إقرار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فالأول كقول أبي سعيد (٢) : «كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن» فهذا لا يحتاج إلى أن يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن هذا المأخذ قد ذكره أبو سعيد (٣) ولم أر الأصوليين تعرضوا له.

وأما الثاني: فيحتاج إلى بلوغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه الأقوال الثلاثة:

أحدها: قول أبي الخطاب وأبي محمد أنه حجة مطلقا؛ لأن ذكره ذلك في معرض الحجة يدل على أنه أراد ما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكت عنه ليكون دليلا.

والثاني: ليس بحجة كالوجه الذي ذكره القاضي، وهو قول الحنفية. وأما إذا كانت العادة تقتضي أنه بلغه فذاك دليل على البلوغ.

وأصل هذا أن الأصل قول الله تعالى وفعله وتركه القول وتركه الفعل، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعله وتركه القول وتركه العمل. وإن كانت قد جرت عادة عامة الأصوليين أنهم لا يذكرون من جهة الله إلا قوله الذي هو كتابه، ومن جهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد يقولون بما يقول أصحابنا قوله، وفعله، وإقراره. وقد يقولون: «وإمساكه» وهذا أجود؛ فإن إقراره ترك النهي فإنه يدل على العفو عن تحريم. وأما الإمساك فإنه يعم ترك الأمر أيضا الذي يفيد العفو عن الإيجاب كترك الأمر بصدقة


(١) نسخة: «كقول جابر» .
(٢) نسخة: «كقول جابر» .
(٣) نسخة: «كقول جابر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>