للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلا المذهبين: مذهب مثبتي كلام [النفس] ومذهب نفاته. فقولنا: صيغة الأمر. عند من أثبته، فمعناه أن لهذا المعنى صيغة عبارة تشعر به. وأما من نفاه فقولهم: «صيغة الأمر» كقولك ذات الشيء ونفسه، وآيات القرآن، وأن الأشعرية القائلين بالوقف اختلفوا في تنزيل مذهبه؛ فمنهم من قال: الصيغة مشتركة وضعا. ومنهم من قال: المعنى بالوقف أنا لا ندري على أي وضع جرى قول القائل: «افعل» في اللسان فهو إذا مشكوك فيه.

ومنه ابن عقيل أن يقال للأمر والنهي صيغة، أو أن يقال: هي دالة عليه، بل الصيغة نفسها هي الأمر والنهي، والشيء لا يدل على نفسه. قال: وإنما يصح هذا على قول المعتزلة الذي يقولون: الأمر والنهي والإرادة والكراهة، والأشاعرة الذين يقولون: هما معنى قائم بالنفس، والصيغة دالة على المعنى وحكاه عنه (١) . وأما أصحابنا فإني تأملت المذهب فإذا به يحكم بأن الصيغتين أمر ونهي، قال: فقول شيخنا: الصيغة دالة بنفسها على الأمر والنهي اتباع لقول المتكلمين، وإلا فليس لنا أمر ونهي غير الصيغة؛ بل ذلك قول وصيغة، والشيء لا يدل على نفسه.

قال شيخنا أبو العباس حفيد المصنف: قلت: قول القاضي وموافقيه صحيح من وجهين؛ أحدهما: أن الأمر مجموع اللفظ والمعنى، فاللفظ دال على التركيب وليس هو عين المدلول. الثاني: أن اللفظ دال على صيغته التي هي الأمر به، كما يقال: يدل على كونه أمرا، ولم يقل: على الأمر (٢) .


(١) قلت: لعله: وحكاية عنه.
(٢) المسودة ص ٨، ٩ ف ٢/١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>