للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الإمساك عما شجر بين الصحابة والحكمة فيه، وعدم تعيين المصيب إلا....]]

بخطأ أو إصابة. فقال المروذي: جاء يعقوب رسول الخليفة يسأله فيما كان بين علي ومعاوية، فقال: ما أقول فيهم إلا بالحسنى.

وكذلك نقل أحمد بن الحسن الترمذي (١) -وقد سأله: ما يقول فيما كان من أمر طلحة والزبير وعلي وعائشة- فقال: من أنا حتى أقول في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ كان بينهم شيء، الله أعلم به. وكذلك قال في رواية حنبل قال الله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فقد صرح بالوقف.

واستدل القاضي على الوقف ومقتضاه إما تصويبهما أو عدم تعيين المصيب.

قال شيخنا: قلت: أحمد لم يرد الوقف الحكمي، وإنما أراد الإمساك عن النظر في هذا والكلام فيه، كما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التفضيل بين الأنبياء؛ وعن تفضيله على يونس، ونحو ذلك من الكلام الذي وإن كان حقا في نفس الأمر فقد يفضي إلى فتنة في القلب. وإذا كان الأموات على الإطلاق لا ينبغي لنا ألا نخير بينهم إلا لحاجة فالصحابة الذين أمرنا بالاستغفار لهم وبمسألة ألا تجعل في قلوبنا غلا لهم أولى. والكلام فيما شجر بينهم يفضي إلى الغل المذموم، ولهذا علل بأنها: {أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ} [١٣٤/٢] .

ونحن وإن علمنا بالنوع أن أحد المختلفين مخطئ فليس علينا أن نعلمه بالشخص، إلا في مسألة تتعلق بنا. فأما اثنان اختلفا في مسألة تختص بأعيانهما فلا حاجة بنا إلى الكلام في عين المخطئ، وهذا

أصل مستمر، ويدل على هذا أن أحمد بنى مسائله في قتال أهل البغي على سيرة علي، ولما أنكر ابن معين على الشافعي ذلك قال له أحمد: ويحك! فماذا عسى أن يقول في هذا المقام إلا هذا؟ يريد أنا لما أردنا


(١) نسخة: نقل الحسن الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>