للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخنا: وكذلك قال أبو الخطاب: الذي لا يسوغ التقليد فيها هو معرفة الله ووحدانيته، ومعرفة صحة الرسالة، وذكر أن الأدلة على هذه الأصول الثلاثة يعرفه كل أحد بعقله وعلمه، وإن لم يقدر العامي على أن يعبر عنه. قال: وبه قال عامة العلماء. وقال بعض الشافعية: يجوز للعامي التقليد في ذلك. قال: ولا يختلف الشافعية أنه ليس للمكلف المسلم أن يقلد في وجوب الصلاة والصوم عليه ونحو ذلك فأولى أن لا يجوز التقليد في الوحدانية والنبوة. ثم قال: وكذلك أصول العبادات كالصلوات الخمس وصيام رمضان وحج البيت والزكاة؛ فإن الناس أجمعوا على أنه لا يسوغ فيها التقليد لأنه ثبت بالتواتر ونقلته الأمة كلها خلفها عن سلفها. ثم أطلق أبو الخطاب أن العامي لا يجوز له التقليد في مسائل الأصول وقال في البحث مع ابن سريج: لو خشي المكلف أن يموت لم يجز له التقليد في معرفة الله والوحدانية (١) .

[[هل يخير المقلد في المجتهدين؟]]

مسألة: للعامي أن يقلد في الفروع أي المجتهدين شاء، ولا يلزمه أن يجتهد في أعيان المجتهدين في قول القاضي وأبي الخطاب وجماعة من الفقهاء وذكر القاضي وأبو الخطاب أنه ظاهر كلام أحمد كما ذكر القاضي أن العامي يتخير بين المفتين ولا يلزمه الاجتهاد. قال: فإن قيل: فهلا قلتم: يلزمه الأخذ بقول من غلظ كما قلتم: إذا تقابل في الحادثة دليلان أحدهما حاظر والآخر مبيح؟ قيل له: فرق بينهما وقال ابن عقيل: لا يتخير؛ بل يلزمه الاجتهاد في أعيان المفتين الأدين والأورع ومن يشار إليه أنه أعلم، وقال: ذكره أحمد، ولم يحك في المذهب فيه خلافا وذكره القاضي أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى بن الفراء في العامي: هل يلزمه الاجتهاد في أعيان المفتين؛ أم له الأخذ بقول أيهم شاء؟ على روايتين؛ إحداهما مثل قول القاضي والجمهور منا. والثانية


(١) المسودة ص ٤٥٩-٤٦١ ف ٢/٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>