للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[التوسل إلى الله بالإيمان والعمل الصالح]

آيات القرآن الكريم يكثر فيها ذكر توسل المؤمنين بإيمانهم، والتوسل إلى الله عز وجل بالإيمان به، وبما أوجب الإيمان به، وكذا التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، والقربات النافعة، فهذه توسلات صحيحة نافعة، دل عليها القرآن الكريم، قال تعالى حكاية عن المؤمنين: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ١.

قال ابن كثير رحمه الله: “يصف تبارك وتعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل فقال تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا} أي آمنا بك وبكتابك ورسولك {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} أي بإيماننا بك، وبما شرعته لنا فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك وبرحمتك”٢ فهؤلاء الصالحون توسلوا إلى ربهم جل وعلا بإيمانهم بكتاب ربهم ورسله، ذلك الإيمان الذي يدفع صاحبه إلى الأعمال الصالحة، وفعل ما يرضي الرب جل وعلا، ودلّ على توسلهم بالإيمان الفاء في


١ آل عمران: ١٦
٢ تفسير ابن كثير ١/٣٥٣. قال أبو حيان رحمه الله تعالى: “ثم سألوا الغفران، ووقايتهم من النار مرتبا ذلك على مجردّ الإيمان، فدّل على أن الإيمان يترتب عليه المغفرة” [البحر المحيط ٢/٣٩٩] .
وقال الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى: “وقوله (الذين يقولون) عطف بيان للذين اتقوا، وصفهم بالتقوى، وبالتوجه إلى الله تعالى بطلب المغفرة، ومعنى القول هنا الكلام المطابق للواقع في الخبر، والجاري على فرط الرغبة في الدعاء في قولهم (فاغفر لنا ذنوبنا) إلخ، وإنما يجري كذلك إذا سعى الداعي في وسائل الإجابة، وترقيها بأسبابها التي ترشد إليها التقوى، فلا يجازى هذا الجزاء من قال ذلك بفمه ولم يعمل به” [التحرير والتنوير ٣٠/١٨٤-١٨٥] قلت: والإيمان الصحيح يدعو صاحبه إلى العمل الصالح ولا بدّ.

<<  <   >  >>