للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ٣٢ -

زعموا أن رجلاً (١) في الجاهلية كانت له فرس مرببة معلمة قد تألفه وعرفته فبعثه قومه طليعة فمر بروضة فأعجبته، وهو لا يدري أن العدو قريب منه، فنزل فخلع لجام فرسه وخلى عنها ترعى، فبينا هو على ذلك إذ طلعت عليه خيل العدو دواس - أي يتبع بعضهم بعضاً - فأخذوه، وطلبوا الفرس فسبقتهم، فلم يقدروا عليها، فتعجبوا منها ومن جودتها فقالوا: إن دفعتها إلينا فأنت آمن وإلا قتلناك، فظن الرجل أنهم قاتلوه إن لم يفد نفسه، فدعاها فجاءت فقال: عرفتني نسأها الله (٢) أي أخرها وزاد في أجلها، فصار مثلاً.

- ٣٣ -

وزعموا أن قوماً كانوا في جزيرة من جزائر البحر في الدهر الأول ودونها خليج من البحر، فأتاها قوم يريدون أن يعبروها فلم يجدوا معبراً، فجعلوا ينفخون أسقيتهم ثم يعبرون عليها، فعمد رجل منهم فأقل النفخ وأضعف الربط، فلما توسط الماء جعلت الريح تخرج حتى لم يبق في السقاء شيء، وغشية الموت فنادى رجلاً من أصحابه أن يا فلان إني قد هلكت. فقال: ما ذنبي يداك أوكتا وفوك نفخ (٣) فذهب قوله مثلاً.

اوكيت رأس السقاء إذا شددته وقال بعض الشعراء:

دعاؤك حذر البحر أنت نفخته ... بفيك وأوكته يداك لتسبحا


(١) في بعض الروايات أن هذا المثل من الأمثال التي تتعلق ببيهس (انظر جمهرة العسكري ٢: ٣٧) والقصة كما رواها المفضل مروية أيضاً عن علاقة الكلبي يسندها إلى عبيد بن شربة (فصل المقال: ٧٩) .
(٢) جمهرة العسكري ٢: ٣٧ وفصل المقال: ٧٨ والميداني ١: ٣٠٧ والمستقصى: ٢٤١.
(٣) يداك اوكتا وفوك نفخ: في جمهرة العسكري ٢: ٤٣٠ وفصل المقال: ٤٥٨ والميداني ٢: ٢٤٨ والعقد ٣: ١٢٠ والتلخيص للعسكري: ٣٣٦ ونقل البكري عن صاحب العين قصة أخرى في المثل غير التي رواها المفصل.

<<  <   >  >>