للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ٥٩ -

زعموا أن بعض ملوك غسان كان يطلب في بطن من عاملة يقال لهم بنو ساعدة - وعاملة من قضاعة - ذحلاً، فأخذ منهم رجلين يقال لهما مالك وسماك ابنا عمرو، فاحتبسهما عنده زمانا، ثم دعا بهما فقال: إني قاتل أحدكما، فأيكما اقتل؟ فجعل كل واحدٍ منهما يقول: اقتلني مكان أخي. فلما رأى ذلك قتل سماكاً وخلى سبيل مالك، فقال سماك حين ظن انه مقتول:

ألا من شجت ليلة عامده ... كما أبداً ليلة واحده

فأبلغ قضاعة إن جئتها ... (٢) وأبلغ (١) سراة بني ساعده

وأبلغ نزاراً على نأيها ... فان الرماح هي العائده

فأقسم لو قتلوا مالكاً ... لكنت لهم حيةً راصده

برأس سبيل على مرصدٍ (٣) ... ويوماً على طرق وارده

أأم سماكٍ فلا تجزعي ... فللموت ما تلد الوالده وانصرف مالك إلى قومه فأقام فيهم ليالي، ثم إن راكباً مروا يسيرون وأحدهم يتغنى وهو يقول: فأقسم لو قتلوا مالكا ... الخ، فسمعت ذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبح الله الحياة بعد سماك، اخرج في الطلب بأخيك، فخرج في الطلب به حتى لقي قاتله يسير في ناس من قومه فقال: من احسن لي الجمل الأحمر؟ فقالوا له وعرفوه: لك مائة من الإبل فكف، فقال: لا أطلب أثراً بعد عين (٤) ، فأرسلها مثلاً، وحمل على قاتل أخيه فقتله، وكان من غسان ثم من بني قمير، فقال مالك في ذلك:


(١) الميداني: إن جئتهم، وخص.
(٢) في طبعة الجوائب: عامدة.
(٣) الميادني: مرقب.
(٤) المثل في جمهرة العسكري ٢: ٣٨٩ والزاهر ٢: ٢ وفصل المقال: ٣٦٧ والميداني ٢: ١١٠ والمستقصي: ٢٧٤ واورده الميداني مفصلاً في ((تطلب أثراً بعد عين)) ١: ٨٥ وانظر الوسيط: ٢٠٢ وأمثال أبي عكرمة: ٦٤ (نقلاً عن ابن الأعرابي عن المفضل) .

<<  <   >  >>