للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشربون، فخاف جد أن يدلج فيظن رب البيت أنه هو فعل، فقطع حظه من النطع الذي نام عليه، ثم دعا رب المنزل حين أراد إن يدلج وقد طواه فقال: هذا حظ جدٍ من المبناة، فمن المبناة (١) ، فأرسلها مثلاً، يقول انظر اليه فيه شيء مما تكره. وقد ذكرته العرب في أشعارها، وقال مالك بن نويرة (٢) :

ولما أتيتم ما تمنى عدوكم ... عدلت (٣) فراشي عنكم ووسادي

وكنت كجدٍ حين قد بسهمه ... حذار الخلاط حظه بسواد وقال خراش بن شمير المحاربي (٤) :

ألا يتقي من كاس إن ضاع ضائع ... وكل امرىء لله بادٍ مقاتله

فيأثر بالتقوى ويحتاز نفسه ... إذا بادر الميقات حينا يغاوله

كما احتاز جد حظه من فراشه ... بمبراته في أمره اذ يزاوله

- ٦٤ -

زعموا (٥) أنه كان بين لقمان بن عاد وبين رجلين من عاد يقال لهما عمرو وكعب ابنا تقن مغاورة وكانا من أشد عادٍ وأدهاها وأنكرها، وكانا ربي إبلٍ، وكان لقمان رب غنم، فأعجب لقمان الإبل، فأرادهما عنها فأبيا أن يبيعاه، فعمد إلى ألبان غنمه من ضأن ومعزى فجمع لبناً كثيراً ثم أتى تلعة هما بأسفلها، فأسأل ذلك اللبن وفيه زبد كثير وأنافح من أنافح السخل، فلما رأيا ذلك قال: إحدى سحيبات لقمان هي، فلم يلتفتا إلى ذلك ولم يرغبا في ألبان الغنم، فلما رأى ذلك لقمان قال: خر خرير الانفح والنقد (٦) المذبح، اشترياها ابني تقن، أقبلت ميسا، وأدبرت


(١) المثل في الميداني ٢: ٢٣٩.
(٢) البيتان في الميداني.
(٣) الميداني: عزلت.
(٤) في الميداني: خراش بن سمير؛ وأورد البيت الأخير منها.
(٥) قارن بالمدائني عند المثل ((إحدى حظيات لقمان)) ١: ٢٣.
(٦) النقد: صغار الغنم.

<<  <   >  >>