للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهما النعمان، فقال خالد: أبيت اللعن، أنا أركب وأخي ناقة، ثم نتعرض لهم كما تعرضوا لنا، فإن استطاعوا فليعقروا بنا، فأعجب ذلك النعمان وقال: قد أعطاكم بحقكم، قالوا: قد رضينا، قال النعمان: أما والله لتجدنا ألوى بعيد المستمر (١) فأرسلها مثلاً.

الألوى: المانع لما عنده، والمستمر: استمرار عقله وحزمه.

فاكتفل خالد وأخوه ناقتهما بكفل وتأخر أحدهما على العجز وجعل وجهه من قبل الذنب، وتقدم أحدهما إلى الكتف، فجعل كل واحد يذب بسيفه مما يليه فلم يخلصوا إلى أن يعقروا بهما فأتى النعمان فقال: أبيت اللعن قد أعطيناهم بحقهم فعجزوا عنه فنظر النعمان إلى جلسائه فقال: أترون قومه كانوا يتبعونه بأبلخ جهول (٢) ، فأرسلها مثلاً.

- ١٣ -

زعموا أن السليك بن السلكة التميمي (٣) ثم أحد بني مقاعس - ومقاعس: الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة - كان من أشد فرسان العرب وأنكرهم وأشعرهم، وكانت أمه سوداء، وكانوا يدعونه سليك المقانب - والمقنب ما بين الثلاثين إلى الخمسين - وكان أدل الناس بالأرض، وأجودهم عدواً على رجليه لا تعلق به الخيل، زعموا أنه كان يقول (٤) : اللهم إنك تهيء ما شئت


(١) فصل المقال:: ١٣١، ١٨٠ والزاهر ٢: ٢٨٢ وجمهرة العسكري ١: ٣٢ (الوى بعيد المستمر) والميداني ٢: ٩٤ والمستقصى: ٢٨٦ والسمط: ٢٩٩ والعقد ٣: ٩٢ واللسان (لوى) ؛ يضرب مثلاً للرجل لا يطاق نكارة أي مكراً ودهاء؛ والألوى: المعوج.
(٢) الأبلخ: العظيم في نفسه الجريء على ما أتى من الفجور وقيل هو الأحمق، وقيل هو المتكبر، انظر الزاهر ٢: ٢٨٣ وفيه " يبيعونه " هو أصوب.
(٣) أخبار السليك في الشعر والشعراء: ٢٨١ والأغاني ١٨: ١٣٢ والمؤتلف: ١٣٧ وفصل المقال: ٣٩ وسائر كتب الأمثال، وهذا النص قد نقله ابن قتيبة في عيون الأخبار ٢: ١٧٥ عن المفضل وفي النقل تقديم وتأخير؛ وانظر الشربشي ١: ٣٩٢.
(٤) قارن بما أورده ابن قتيبة في الشعر والشعراء: ٢٨٢.

<<  <   >  >>