للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تمهيد عن أهمية القسطنطينية، والمحاولات الأولى لفتحها:

بدأت الحياة تدب نشيطة في هذه المدينة عندما اختارها الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير Consantine I (٣٠٦-٣٣٧ م) لتكون عاصمة لدولته سنة ٣٣٠ م، بعد تعميرها وبنائها في موقع قرية قديمة تعرف ببيزنطة. كان هذا المكان يتميز بموقع جغرافي فريد عند أقرب نقطة التقاء بين قارتي آسيا وأوربا في أرضية تلالية مرتفعة أشبه بالمثلث رأسه قبالة الشاطئ الآسيوي وضلعاه متساويان يمتد أحدهما شمالاً حيث القرن الذهبي١، والآخر جنوباً حيث بحر مرمرة، وقاعدته مفتوحة براً تجاه أوربا، ودُعِّم هذا الموقع المتميز بأسوار وتحصينات وأبراج أقيمت عليها عبر العصور، فصارت مدينة القسطنطينية من أمنع مدن العالم وأهمها، ومن ثم أصبحت مركز الثقل للإمبراطورية البيزنطية في جميع مناحي حياتها، ووقفت صامدة أمام محاولات الفتح الإسلامي لها عندما زحف الأمويون إليها وطرقوا أبوابها مرات عديدة٢.

وقد كان اهتمام الأمويين بفتح القسطنطينية ظاهراً منذ أن توطد الملك لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (٤١-٦٠?/٦٦١-٦٨٠ م) ؛ إذ رأى أن الدولة البيزنطية عدو خطر اقتطع المسلمون من أملاكه بلاد الشام ومصر، لكن


١ قبل اتصال مياه البسفور ببحر مرمرة يمتد داخل البر الأوربي خليج يصل طوله إلى سبعة أميال في انحناء شبيه بالمنجل أو القرن، فصار يعرف في التاريخ بالقرن الذهبي، انظر خريطة القسطنطينية في الملحق رقم ٢
٢ عن موقع القسطنطينية وأهميته انظر العيون والحدائق في أخبار الحقائق، لمؤلف مجهول ص ٢٧، والإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ٢/٨٠١، وياقوت الحموي، معجم البلدان ٤/٣٤٧، وإبراهيم العدوي، الأمويون والبيزنطيون ص ١٢٣، وعبد الشافي محمد عبد اللطيف، العالم الإسلامي في العصر الأموي ص ٢٤٢-٢٤٤.

<<  <   >  >>