للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثالث: ضابط الحيل الجائزة وغير الجائزة

قبل أن نتطرق إلى هذا الضابط، ننظر في أصل معنى الحيلة لغة فإنها سلوك طريق يفضي إلى المقصود على وجه فيه حذق ومهارة وجودة نظر، ولا نستطيع أن نحرمها بإطلاق حينئذ ولا أن نحلها بإطلاق ولا أن نحمدها بإطلاق ولا أن نذمها بإطلاق، لذا وجب النظر في ضابط عام يميز بين ما يجوز من الحيل في نظر الشارع وما لا يجوز فنقول:

ضابط الحيل الجائزة: كل طريق مشروع يترتب على سلوكه تحقيق مقاصد الشارع من فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى الله عنه وإقامة الحق وقمع الباطل فهذا جائز مشروع.

وضابط الحيل غير الجائزة: كل طريق يترتب عليه إبطال مقاصد الشارع أو العبث بها من إسقاط للواجبات وارتكاب للمحرمات وقلب الحق باطلا والباطل حقا فهذا محظور يذم فاعله ومعلمه.

وبين النوعين الجائز وغير الجائز من الفرق ما بين النور والظلام والحق والباطل والعدل والظلم والبر والإثم.

وقد أجمل الشاطبي في كتابه الفريد في بابه ما ذكرناه فقال: " لا يمكن إقامة دليل في الشريعة على إبطال كل حيلة كما أنه لا يقوم دليل على تصحيح كل حيلة، وإنما يبطل منها ما كان مضاداً لقصد الشارع خاصة وهو الذي يتفق عليه جميع أهل الإسلام، ويقع الاختلاف في المسائل التي تتعارض فيها الأدلة "١.


١ الموافقات جـ٢ ص ٣٣٧.

<<  <   >  >>