للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غزوة الحديبية (١)

فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، بعد منصرفه من غزوة بني المصطلق، رمضان، وشوالاً، وخرج في السنة السادسة في ذي القعدة معتمراً، واستنفر الأعراب الذين حول المدينة، فأبطأ عنه أكثرهم، وخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن اتبعه من العرب، وساق الهدى، وأحرم بالعمرة من ذي الحليفة، ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب، وخرج في ألف رجل ونيف، المكثر يقول: ألف وخمسمائة لا تزيد أصلاً؛ والمقلل يقول: ألف وثلاثمائة؛ والمتوسط يقول: ألف وأربعمائة.

وقد قال بعضهم: كانوا سبعمائة، وهذا وهم شديد ألبتة، والصحيح بلا شك بين الألف والثلاثمائة إلى ألف وخمسمائة (٢) .

فلما بلغ قريشاً ذلك خرج حمها (٣) عازمين على صدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، أو قتاله دون ذلك. وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى كراع الغمم. فورد الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعسفان، فسلك طريقاً خرج منه في ظهورهم، كان دليلهم فيه رجل من أسلم، وذلك ذات اليمين [بين] ظهري الحمض، في طريقٍ أخرجه على ثنيه المرار، مهبط الحديبية من أسفل مكة، فلما بلغ ذلك قريشاً


(١) انظر: الوافدي: ٣٨٣، وابن هشام: ٣: ٣٢١، وابن سعد ٢ / ١: ٦٩، والطبري ٣: ٧١، وأنساب الأشراف ١: ١٦٩، وابن سيد الناس ٢: ١١٣، وابن كثير ٤: ١٦٤، وزاد المعاد ٢: ٣٠١، والإمتاع: ٢٧٤، وتاريخ الخميس ٢: ١٦، والبخاري ٥: ١٢١.
(٢) راجع ما نقله المقريزي عن سيرة ابن حزم في الإمتاع: ٢٧٦، وانظر كذلك كتاب الفصول: ٧١.
(٣) حم الشيء: معظمه، ومثله: الجم، باليجم وتشديد الميم، ونخشى أن يكون صوابها: خرج جمعها.

<<  <   >  >>