للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلننظر في تناوله لكلمة (الإبداع) في أحد هذه المصنفات١: "فالإبداع هو إيجاد الشيء دفعة لا عن موجود ولا ترتيب ولا عن نقص إلى كمال، وليس ذلك إلا للباري تعالى، وإن كانت العرب تستعمل الإبداع فيمن يحفر بئراً في مكان لم يحفر فيه قبل".

إنه يعيد المادة إلى معناها اللغوي المادي، وفي مصنف آخر٢ يقفنا على مراحل الكلام بدقة الخبير:

"إعلم أن المعنى إذا كان في النفس فعلْم، وإذا انتهى إلى الفكر فروية، وإذا جرى به اللسان فكلام، وإذا كتب باليد فكتابة، فهو بالذات شيء، وتختلف عليه الأسامي بحسب اختلاف الأحوال به، وذلك كما أن القطن مادام بحالته قطن، فإذا غزل فهو غزل، فإذا نسج فثوب، فإذا خيط فقميص أو جُبّة"

إنه يبين لنا (حدود) هذه الكلمات التي عندما تنتهي تبدأ حدود كلمة أخرى. وقد سوغ هذا التقسيم بأن الأسماء تختلف باختلاف الأحوال، ووضحه بمثال القطن الذي يشبه حالات المادة الواحدة الثلاث بين الصلابة والسيولة والغازية.

وفي أثر ثالث للراغب نجد الكثير مما يدل على تسخير اللغة لفهم المتشابه من آي القرآن الكريم وما بينها من الفروق الدقيقة التي تغمض لدى الكثيرين، ونعني مخطوطة (درة التأويل في متشابه التنزيل) التي يتحدث عنها في جهود الراغب في التفسير.


١ الذريعة إلى مكارم الشريعة، ص٢١٩.
٢ مخطوطة تحقيق البيان، الورقة رقم٩.

<<  <   >  >>