للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أليس يذكرنا الراغب في مثل هذه المجموعات، وما أكثرها في مجمع البلاغة بوجه خاص وفي المحاضرات، بما عرف في فقه اللغة بالفروق والذي ظهر بشكل واضح في كتاب أبي منصور الثعالبي (فقه اللغة وسر العربية) ؟.

إن الباحث حينما يتعمق في هذه المجموعات اللغوية أو الأسر اللغوية في أعمال الراغب، يجد أنه لا يبعد كثيراً عن المراحل المتتالية التي قطعتها معاجم المعاني حتى ارتقت في كتاب الثعالبي في الشرق وفي مخصص ابن سيده في الغرب١.

ففي (القِرى) يقول الراغب: "المأدُبة والوليمة والعُرْس والخُرْس والإعذار والنقيعة والوكيرة والعقيقة والوضيمة للدعوات"٢ ولدى البحث نجد لهذه الأسرة اللغوية أصلاً في كتاب (تهذيب الألفاظ) لابن السكيت٣، حيث يقول: " ... ِ والوليمة طعام العرس.. والوكرة والوكيرة الطعام الذي يصنعه الرجل عند فراغه من بناء داره فيدعو عليه، والإعذار والعذره طعام الختان.... والنقيعة طعام الأملاك.... ويقال لطعام الولادة الخُرس والذي تطعمه النفساء الخُرْسة ... "٤.

إن مقابلة هذه المجموعة اللغوية في الكتابين تدل على أن الراغب قد اطلع على ما في تهذيب الألفاظ ولم ينهج منهاجه في التفصيل فيما بين المفردات المتشابهة من فروق. ولنتأمل المجموعة اللغوية التالية في أثار الراغب:

" تقول في إصلاح الفاسد: أصلح فاسدَه وحصد معانده وقَوَّم مائده ولمَّ شَعْثَه ورَمَّ رَثّه ومنتكثه وآسى كَلْمَه، حسم الأدواء بكيّه وإنضاجه وِادمل الجروح بطبه وعلاجه، رتق الفتوف بعد تفاقمها واستفحالها ... نهض إلى فَتْق فرتَقَه وخرْق فرقعه وشَعْثٍ فلّمه ونشرٍ فضّمه.... تألف النافَر، سد مختله واصلح معتلّه ... "٥.

ولنتأمل معها المجموعة اللغوية الأخرى من الألفاظ الكتابية للهمذاني (٣٢٠ هـ) :

"في باب معنى أصلح الفاسد تقول: لم فلان الشعث وضم النشر ورَمَّ الرث وسد الثغر ورقع الخرق ورتق الفتق وأصلح الفاسد وأصلح الخلل وجمع الشتات وجبر الوهن"٦.


١ راجع لذلك المعجم العربي، نشأته وتطوره، د. حسين نصار. وحركة التأليف عند العرب د. أمجد الطرابلسي.
٢ مجمع البلاغة ٣٩٢.
٣ يعقوب بن اسحق (٢٤٤هـ) حققه وفهرسله٩ لويس شيخو بيروت ١٨٩٥.
٤ المصدر السابق ص٦١٤.
٥ مجمع البلاغة ص ١٧٥.
٦من فصل من فصول الباب الأول من الألفاظ الكتابة لعبد الرحمن بن عيسى الهمذاني، حققه ونشره لويس شيخو بيروت الوضيمة: طعام المآتم. النقيعة: ما يذبح للضيافة أو طعام الرجل ليلة عرسه.

<<  <   >  >>