للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمه البيان} (الرحمن: ١ ٤) وقال تعالى {اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم} (العلق: ٣) فهذه الآيات جامعة لجميع وجوه (١) البيان الذي امتن به عز وجل، على الناطقين من خلقه وفضلهم به على سائر الحيوان، فضلاً منه تعالى يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

ووجدناه عز وجل قد عدد في عظيم نعمه على ابتداء اختراعه من النوع الإنسي تعليمه أسماء (٢) الأشياء؛ فقال تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} (البقرة: ٣١) وهذا هو الذي (٣) بانت به الملائكة والإنس والجن من سائر النفوس الحية، وهو البيان عن جميع الموجودات (٤) ، على اختلاف وجوهها، وتباين (٥) معانيها، التي من أجل اختلافها وجب أن تختلف أسماؤها، ومعرفة وقوع المسميات تحت الأسماء، فمن جهل مقدار هذه النعمة عند نفسه، وسائر نوعه، ولم يعرف موقعها لديه، لم يكد يفضل البهائم إلا بالصورة: فلله الحمد على ما علم وآتى، لا إله إلا هو. ومن لم يعلم صفات الأشياء المسميات، الموجبة لافتراق أسمائها ويحد كل ذلك بحدوده (٦) ، فقد جهل مقدار هذه النعمة النفيسة، ومر عليها غافلاً عن معرفتها، معرضاً عنها، ولم يخب خيبةً يسيرة بل جليلة جداً.

فإن قال جاهل: فهل تكلم أحد من السلف الصالح في هذا قيل (٧) له: إن هذا العالم مستقر في نفس كل ذي [٢ ظ] لب، فالذهن الذكي واصل بما مكنه الله تعالى فيه من سعة الفهم، إلى فوائد هذا العلم، والجاهل متسكع كالأعمى حتى ينبه عليه، وهكذا سائر العلوم. فما تكلم أحد من السلف الصالح، رضي الله عنهم، في مسائل النحو، لكن لما فشا جهل الناس، باختلاف الحركات التي باختلافها


(١) ص: جامعة لوجوه.
(٢) أسماء: سقطت من م.
(٣) س: وهو الذي.
(٤) م: المرادات.
(٥) س: وبيان.
(٦) س: بحدودها.
(٧) م: فقيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>