للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأه للكثير الهذر المكنى بأبي العباس المعروف بالناشئ (١) ، فكان أبداً يسومني الفرق بين المحمول والمتمكن، ولم يعنه الخالق تعالى إلى وقتنا الذي كتبنا فيه كتابنا هذا، على فهم الفرق بينهما، وهو أن المحمول إنما تقوله في الصفات التي تبطل ببطلان ما هي فيه، كبياض زيد وحياته، فإن زيداً إن بطل، بطلت حياته وبياضه، بلا شك، وقد يبطل أيضاً ببياضه ولا يبطل زيد بل يكون صحيحاً سوياً إما لشحوب وإما لبعض الحوادث. والمتمكن إنما نقوله في الجواهر التي لا تبطل ببطلان ما هي فيه ككون زيد في البيت ثم ينهدم البيت ويصير رابية أو وهدة، وزيد قائم صحيح ينظر في أسبابه، ويزايل زيد البيت ولا يبطل واحد منهما، وهكذا أجزاء الجسم في الجسم إنما هي متمكنة لا محمولة، وهذا فرق لا يختل على ذي حس سليم أو إنصاف. وبالجملة، فكون الجسم في الجسم تمكن، وهو غير الحمل الذي هو كون العرض في الجسم.

وكل ما نعت نوعاً فهو ناعت لأشخاص ذلك النوع، أي كل اسم سمي به نوعاً فإنه يسمى به كل شخص من أشخاص ذلك النوع، جوهراً كان أو غير جوهر. إذ ليس الجنس شيئاً غير أنواعه، وليس الجنس وأنواعه شيئاً غير الأشخاص الواقعة تحتها.

واعلم أن فصول كل جنس من الأجناس فإنه يوصف بها كل ما تحته من أنواعه وكل شخص من الأشخاص الواقعة تحت أنواعه، كالحساس فإنه يقال على كل حي وعلى كل إنسان وفرس وحمار وعلى زيد وعمرو وهند وسائر أشخاص الحيوان كله، وهكذا في جميع الأجناس والأنواع كلها. وقد قلنا أيضاً: إن الأجناس تعطي كل ما تحتها من نوع أو شخص أسماءها وحدودها، أي أن اسم ذلك الجنس وحده يسمى به ويحد كل نوع تحته وكل شخص يقع تحت [١٩ظ] كل نوع من


(١) هو عبد الله بن محمد الأنباري المعروف بابن شرشير (٩٠٦/٢٩٣) كان شاعراً ذا اهتمام بالمنطق، وله تصانيف رد فيها على الشعراء والمناطقة وله أرجوزة في العلوم تبلغ أربعة آلاف بيت؛ انظر تاريخ بغداد ١٠: ٩٢ والنجوم الزاهرة ٣: ٢٩٨ وشذرات الذهب ٢: ٢١٤ وقد نشر له الدكتور يوسف فان إس كتابين هما: مسائل الإمامة ومقتطفات من الكتاب الأوسط (بيروت ١٩٧١) وقدم لهما بدراسة عن حياته ومؤلفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>