للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لاح بالحقيقة التي بينا أن الأوصاف والأخبار كلها إنما تقع على المسميات لا على الأسماء وأن المسميات هي المعاني والأسماء هي عبارات عنها، فثبت بهذا أن الاسم غير المسمى (١) ، ووضح غلط من ظن غير ذلك من أصحابنا الذين يقولون الكلام (٢) غير محققين له: إن الاسم هو المسمى (٣) ، وقد احتج بعضهم في خطائه ذلك بقول الله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى} . (الأعلى:١) وهذا منهم سقوط شديد، وإنما بيان ذلك أن المسميات لما لم يتوصل (٤) إلى الأخبار عنها أصلاً إلا بتوسط العبارات المتفق عليها عنها جعلت المسميات عين (٥) تلك العبارات وإنما المراد المعبر بها عنها (٦) . ولما لم يكن سبيل إلى الثناء على الله عز وجل إلا بذكر الاسم المعبر به عنه لم يقدر على إيقاع الثناء والحمد (٧) والتسبيح له تعالى إلا بتوسط الاسم، فأمرنا تعالى بما نقدر عليه لا بما لا نقدر عليه أصلاً، والمراد بالتسبيح هو تعالى، لا الصوت الفاني المنقطع المعدوم أثر وجوده، الواقع تحت حد الكمية في نوع القول كما قدمنا، فاعلم هذا.

ومن الأسماء معارف وهي الخصوص كقولك زيد وعمرو والرجل الذي تعرف وغلام زيد وغلام الرجل وغلامي. ومنها نكرات وهي العموم كقولك رجل ما وحمار ما، وللأسماء أبدال (٨) تنوب عنها معروفة في اللغات بعضها للحاضر المتكلم وبعضها للحاضر المكلم وبعضها للمخبر عنه وبعضها للمشار [٣٥ظ] إليه كقولك: أنا وأنت وهو وهذا. وهذه هي المسماة (٩) عند أهل النحو الضمائر والمبهمات والكنايات


(١) أورد ابن حزم في كتاب الفصل باباً في " الكلام في الاسم والمسمى " (٥: ٢٧) وقال: ذهب قوم إلى أن الاسم هو المسمى، وقال آخرون الاسم غير المسمى، واحتج من قال إن الاسم هو المسمى بقول الله تعالى: تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام، ويقرأ أيضاً ذو الجلال والإكرام، قال: ولا يجوز أن يقال تبارك غير الله فلو كان الاسم غير المسمى ما جاز أن يقال تبارك اسم ربك. وبقوله تعالى سبح اسم ربك الأعلى ... الخ.
(٢) س: بالكلام.
(٣) إن الاسم هو المسمى: سقطت العبارة من م.
(٤) م: توصل.
(٥) جعلت المسميات عين: حملت الصفات على في م؛ وفي أصل س: الصفات.
(٦) م: عنها بها.
(٧) س: والمدح.
(٨) أبدال: التي في س.
(٩) س: المسميات.

<<  <  ج: ص:  >  >>