للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأت في سير ملوك السودان أن الملك منهم يوكل ثقة له بنسائه يلقي عليهن ضريبة من غزل الصوف يشغلن بها أبد الدهر، لأنهم يقولون: إن المرأة إذا بقيت بغير شغل إنما تتشوف (١) إلى الرجال، وتحن إلى النكاح.

ولقد شاهدت النساء وعلمت من أسرارهن ما لا يكاد يعلمه غيري، لأني ربيت في حجورهن، ونشأت بين أيديهن، ولم أعرف غيرهن، ولا جالست الرجال إلا وأنا في حد الشباب وحين تبقل (٢) وجهي؛ وهن علمتني القرآن وروينني كثيراً من الأشعار ودربنني في الخط، ولم يكن وكدي وإعمال ذهني مذ أول فهمي وأنا في سن الطفولة جداً إلا تعرف أسبابهن، والبحث عن أخبارهن، وتحصيل ذلك. وأنا لا أنسى شيئاً مما أراه منهن، وأصل ذلك غيرة شديدة طبعت عليها، وسوء ظن في جهتهن فطرت به، فأشرفت من أسبابهن على غير قليل، وسيأتي ذلك مفسراً في أبوابه، إن شاء الله تعالى.


(١) في الطبعات: تشوق.
(٢) عند الصيرفي: تفيل، وتابعه مكي على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>