للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان له في قلبه ريبة (١) ترى ... وفي كل عين مخبر بالأحادث ومنه:

(٢) على كل من حولي رقيبان رقبا ... وقد خصني ذو العرش منهم بثالث وأشنع ما يكون الرقيب إذا كان ممن امتحن بالعشق قديماً ودهي به وطالت مدته فيه، ثم عري عنه بعد إحكامه لمعانيه، فكان راغباً في صيانة من رقب عليه، فتبارك الله أي رقبة تأتي منه، وأي بلاء مصبوب يحل على أهل الهوى من جهته؛ وفي ذلك أقول: [من الوافر] .

رقيب طالما عرف الغراما ... وقاسى الوجد وامتنع المناما

ولاقى في الهوى ألماً أليماً ... وكاد الحب يورده الحماما

وأتقن حيلة الصب المعنى ... ولم يضع الإشارة والكلاما

وأعقبه التسلي بعد هذا ... وصار يرى الهوى عاراً وذاما

وصير دون من أهوى رقيباً ... ليبعد عنه صباً مستهاما

فأي بلية صبت علينا ... وأي مصيبة حلت لماما ومن طريف معاني الرقباء أني أعرف محبين مذهبهما واحد في حب محبوب واحد بعينه، فلعهدي بهما كل واحد منهما رقيب على صاحبه. وفي ذلك أقول: [من السريع] .

صبان هيمانان في واحد ... كلاهما عن خدنه منحرف

كالكلب في الآري لا يعتلف ... (٣) ولا يخلي الغير أن يعتلف


(١) يريد برشيه أن يقرأها: رئيا يرى، وهذا لا يستقيم به الوزن؛ وقد نقرأ " ربة ترى " والربة: الجماعة الكثيرة.
(٢) رقبا أو رتبا؛ لا فرق في المعنى.
(٣) الآري: محبس الدابة من كلب وغيره، وقوله كالكلب لا يعتلف ولا يخلي غيره يعتلف، مثل جاء في صور مختلفة عند الاندلسيين والمغاربة، من ذلك: كلب الورد لا يشم ولا يخلي أحد يشم؛ (انظر الزجالي ص: ٢٦١ المثل رقم: ١١٢٥) وقد ذكر الاستاذ بنشرفيه أن المثل ما يزال مستعملاً في تونس، وله صنو في اسبانيا، وقارنه بقول ابن حزم هنا؛ والصورة الاسبانية من المثل أوردها غومس (هامش ص: ١٧٠) واقتبسها مكي (هامش ص: ٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>