للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السحاب الساريات في الزمان السجسج، ولا خرير المياه المتخللة لأفانين النوار، ولا تأنق القصور البيض قد أحدقت بها الرياض (١) الخضر، بأحسن من وصل حبيب قد رضيت أخلاقه، وحمدت غرائزه، وتقابلت في الحسن أوصافه، وأنه لمعجز ألسنة البلغاء، ومقصر فيه بيان الفصحاء، وعنده تطيش الألباب، وتعزب الأفهام؛ وفي ذلك أقول: [من البسيط] .

وسائل لي عما لي من العمر ... وقد رأى الشيب في الفو دين والعذر

أجبته ساعة لا شيء أحسبه ... عمراً سواها بحكم العقل والنظر

فقال لي: كيف ذا بينة لي فلقد ... أخبرتني أشنع الأنباء والخبر

فقلت إن التي قلبي بها علق ... قبلتها قبلة يوماً على خطر

فما أعد ولو طالت سني سوى ... تلك السويعة بالتحقيق من عمري ومن لذيذ معاني الوصل المواعيد، وإن للوعد المنتظر مكاناً لطيفاً من شغاف القلب؛ وهو ينقسم قسمين: أحدهما الوعد بزيارة المحب لمحبوبه، وفيه أقول قطعة منها: [من البسيط] .

أسامير البدر لما أبطأت وأرى ... في نوره من سنا إشراقها عرضا

(٢) فبت مشترطاً والود مختلطاً ... والوصل منبسطاً والجهر منقبضا والثاني: انتظار الوعد من المحب أن يزور محبوبه. وإن لمبادئ الوصل وأوائل الإسعاف لتولجاً (٣) على الفؤاد ليس لشيء من الأشياء. وإني لأعرف من كان ممتحناً بهوى في بعض المنازل المصاقبة فكان


(١) برشيه: قد أحدقن بالرياض.
(٢) كذا هذا الشطر عند بتروف وغيره، إلا أن برشيه قرأه: فبت مغتبطاً والود معتبطا؛ والأصل والتصحيح عليه كلاهما قلقل، ولم أتبين له وجهاً صحيحاً؛ ولعله لو كان " فبت مختلطاُ والود مشترطاً " لكان ذا معنى.
(٣) برشيه: لثلوجاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>