للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحب، حول الموضوع نفسه، وعندما ينتهي سقراط من آراء تلك المرأة، يدخل القبيادس مع شلة من السكارى، ويتجه الحديث وجهة عملية، إذ يكون دور المتحدث السابع - وه القبيادس - أن بين مميزات سقراط، وخاصة في الحب، وعلى نحو أخص في محبته لالقبيادس نفسه. وفيما كانت الجلسة تنحو نحواً جديداً، بعد أن انتهى كلام السابع، جاء جمع من السكارى آخر، ووجدوا الباب مفتوحاً فدخلوا، وكثر الضجيج وأنتقض النظام، وانفضت الجلسة على نحو ما.

ذلك هو الإطار العام الذي جرى فيه " حوار المأدبة " - دون المحتوى - ولعله أو إطاراً شبيهاً به (١) هو الذي أوحى بعقد ذلك " المقام " حول " العشق " في مجلس يحيى بن خالد البرمكي (١٩٠/٨٠٥) (٢) ، فقد كان يحضر ذلك المجلس عدد غفير من أهل البحث والنظر مثل أبي الهذيل العلاف وهشام بن الحكم والنظام وبشر بن المعتمد وثمامة بن أشرس والموبذ قاضي المجوس وغيرهم؛ وقد كان عدد المتحدثين في مجلس يحيى ثلاثة عشر، وهم وإن لم يحاولوا ترسم حوار فيما بينهم فقد اكتفوا بحكاية الشق الأول من " حوار المأدبة "، إذ تناول كل منهم " العشق " حسب تصوره له، بوصف موجز، وربما لم يكن فيهم من أعتمد الآراء التي وردت في " حوار المأدبة " حول العشق، ولكن الإطار نفسه يربط بين مجلسهم والمأدبة؛ وشيء آخر أهم من الحوار وهو تلك التوطئة في كل من المجلسين، فقد بدأ " حوار المأدبة " بالشكوى من أن جميع الأرباب تصاغ فيهم الأناشيد والمدائح إلا رب الحب، بل إن المعلمين المحترفين من السوفسطائيين يؤلفون الكتب والخطب في أصغر


(١) إن توالي عدد من الحكماء اليونانيين في الحديث حول موضوع معين أصبح صورة محببة لدى المفكرين المسلمين، مثل تواليهم في تأبين الإسكندر، وفي مواقف أخرى أورد بعضها حنين أبن إسحاق في كتابه " نوادر الفلاسفة " (أنظر ملامح يونانية ص ١١١ وما بعدها، والملحق رقم: ٢) .
(٢) أنظر المسعودي: مروج الذهب (ط. شارل بلا، بيروت ١٩٧٣) ٤: ٢٣٦ - ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>