للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قابل الأمر الذي كان راغباً ... بشهوة مشتاق وعقل متارك

لأحرى (١) عباد الله بالفوز عنده ... لدى جنة الفردوس فوق الأرائك

ومن عرف الأمر الذي هو طالب ... رأى سفهاً (٢) ما في يدي كل مالك

ومن عرف الرحمن لم يعص أمره ... ولو انه يعطى جميع الممالك

سبيل التقى والنسك خير المسالك ... وسالكها مستبصراً خير سالك

فما فقد التنغيص من عاج دونها ... (٣) ولا طاب عيش لامرئ غير ناسك

وطوبى لأقوام يؤمون (٤) نحوها ... بخفة أرواح ولين عرائك

لقد فقدوا غل النفوس وفضلوا ... بعز سلاطين وأمن صعالك

فعاشوا كما شاءوا وماتوا كما اشتهوا ... وفازوا بدار الخلد رحب المبارك

عصوا طاعة الأجساد في كل لذة ... بنور مجل ظلمة الغي هاتك

فلولا (٥) اغتذاء الجسم أيقنت انهم ... يعيشون عيشاً مثل عيش الملائك

فيا رب قدمهم وزد في صلاحهم ... وصل عليهم حيث حلوا وبارك

ويا نفس جدي لا تملي وشمري ... لنيل سرور الدهر فيما هنالك

وأنت متى دمرت سعيك في الهوى ... علمت بأن الحق ليس كذلك

فقد بين الله الشريعة للورى ... بابين من زهر النجوم الشوابك

فيا نفس جدي في خلاصك وانفذي ... نفاذ السيوف المرهفات البواتك

فلو أعمل الناس التفكر في الذي ... له خلقوا ما كان حي بضاحك


(١) لأحرى: جواب " ومن " في البيت السابق.
(٢) بتروف والصيرفي ومكي: سبباً.
(٣) معظم الطبعات: ماسك (بالميم) .
(٤) الضمير في " نحوها " يعود إلى سبيل التقى والنسك.
(٥) في بعض الطبعات: اعتداد (بمعنى حسبان أو عد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>