للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ وناء الْكَوْكَب إِذا طلع كَأَنَّهُ نَهَضَ بثقل وَقَالَ صَاحب الفصيح تَقول إِذا ناوأت الرِّجَال فاصبر أَي عاديت وَهِي المناوأة وَلَيْسَت المناوأة من المعاداة فِي شَيْء أَلا ترى أَنه يجوز أَن يعاديه وَلَا يناوئه

الْفرق بَين الْغَضَب وَإِرَادَة الانتقام

أَن الفضب معنى يَقْتَضِي الْعقَاب من طَرِيق جنسه من غير توطين النَّفس عَلَيْهِ وَلَا يُغير حكمه وَلَيْسَ كَذَلِك الْإِرَادَة لِأَنَّهَا تقدّمت فَكَانَت عَمَّا توطن النَّفس على الْفِعْل فَإِذا صَحِبت الْفِعْل غيرت حكمه وَلَيْسَ كَذَلِك الْغَضَب وَأَيْضًا فَإِن المغضوب عَلَيْهِ من نَظِير المُرَاد وَهُوَ مُسْتَقل

وَمِمَّا يُخَالف الِاخْتِيَار الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب الِاضْطِرَار

الْفرق بَينه وَبَين الإلجاء أَن الإلجاء يكون فِي مَا لَا يجد الْإِنْسَان مِنْهُ بدا من أَفعَال نَفسه مثل أكل الميته عِنْد شدَّة الْجُوع وَمثل الْعَدو على الشوك عِنْد مَخَافَة السَّبع فَيُقَال إِنَّه ملجا إِلَى ذَلِك وَقد يُقَال إِنَّه مُضْطَر إِلَيْهِ أَيْضا فَأَما الْفِعْل الَّذِي فِي الْإِنْسَان وَهُوَ يقْصد الِامْتِنَاع مِنْهُ مثل حَرَكَة المرتعش فانه يُقَال هُوَ مُضْطَر وَلَا يُقَال ملْجأ إِلَيْهِ واذا لم

يقْصد الِامْتِنَاع مِنْهُ لم يسم اضطرارا كتحريك الطِّفْل يَد الرجل الْقوي وَنَحْو هَذَا قَول عَليّ بن عِيسَى إِن الإلجاء هُوَ أَن يحمل الْإِنْسَان على أَن يفعل والضرورة أَن يفعل فِيهِ مَا لَا يُمكنهُ الِانْصِرَاف عَنهُ من الضّر والضر مَا فِيهِ ألم قَالَ والاضطرار خلاف الِاكْتِسَاب أَلا ترى أَنه يُقَال لَهُ باضطرار عرفت هَذَا أم باكتساب وَلَا يَقع الإلجاء هَذَا الْموقع وَقيل هَذَا الِاصْطِلَاح من الْمُتَكَلِّمين قَالُوا فَأَما أهل اللُّغَة فَإِن الإلجاء والاضظرار عِنْدهم سَوَاء وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا على صِيغَة وَمن أصل وَإِذا اخْتلفت الصِّيَغ وَالْأُصُول اخْتلفت الْمعَانِي وَلَا محَالة والإجبار يسْتَعْمل فِي الْإِكْرَاه والإلجاء يسْتَعْمل فِي فعل العَبْد على وَجه لَا يُمكنهُ أَن يَنْفَكّ مِنْهُ وَالْمكْره من فعل مَا لَيْسَ لَهُ إِلَيْهِ دارع وَإِنَّمَا يَفْعَله خوف الضَّرَر والالجاء مَا تشتد دواعي الْإِنْسَان اليه على وَجه لَا يجوز أَن يَقع مَعَ حُصُول تِلْكَ الدَّوَاعِي

<<  <   >  >>