للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استخصه على غَيره وصنع الله لفُلَان أَي أحسن اليه وكل ذَلِك كالفعل الْجيد

الْفرق بَين الْجعل وَالْعَمَل

أَن الْعَمَل هُوَ ايجاد الاثر فِي الشَّيْء على مَا ذكرنَا والجعل تَغْيِير بإيجاد الْأَثر فِيهِ بِغَيْر ذَلِك أَلا ترى أَنَّك تَقول جعل الطين خزفا وَجعل السَّاكِن متحركا وَتقول عمل الطين خزفا وَلَا تَقول عمل السَّاكِن متحركا لِأَن الْحَرَكَة لَيست بأثر يُؤثر بِهِ فِي الشَّيْء والجعل أَيْضا يكون بِمَعْنى الإحداث وَهُوَ قَوْله تَعَالَى

(وَجعل الظُّلُمَات والنور) وَقَوله تَعَالَى (وَجعل لكم السّمع والأبصار) وَيجوز أَن يُقَال إِن ذَلِك يَقْتَضِي أَنه جعلهَا على هَذِه الصّفة الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا كَمَا تَقول جعلت الطين خزفا والجعل أَيْضا يدل على الِاتِّصَال وَلذَلِك جعل طرفا للْفِعْل فتستفتح بِهِ كَقَوْلِك جعل يَقُول وَجعل ينشد قَالَ الشَّاعِر من الْكَامِل

(فَاجْعَلْ تحلل من يَمِينك إِنَّمَا ... حنث الْيَمين على الأثيم الْفَاجِر ... )

فَدلَّ على تحلل شَيْئا بعد شَيْء وَجَاء أَيْضا بِمَعْنى الْخَبَر فِي قَوْله تَعَالَى (وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا) أَي أخبروا بذلك وَبِمَعْنى الحكم فِي قَوْله تَعَالَى (أجعلتم سِقَايَة الْحَاج) اي حكمتم بذلك وَمثله جعله الله حَرَامًا وجعهل حَلَالا أَي حكم بتحليله وتحريمه وَجعلت المتحرك متحركا أَي جعلت مَاله صَار متحركا وَله وُجُوه كَثِيرَة أوردناها فِي كتاب الْوُجُوه والنظائر والجعل أصل الدّلَالَة على الْفِعْل لِأَنَّك تعلمه ضَرُورَة وَذَلِكَ أَنَّك إِذا رَأَيْت دَارا مهدمهة ثمَّ رَأَيْتهَا مبينَة علمت التَّغَيُّر ضَرُورَة وَلم تعلم حُدُوث شَيْء إِلَّا بالاستدلال

الْفرق بَين الْفِعْل والخلق والتغيير

أَن الْخلق فِي اللُّغَة التَّقْدِير يُقَال خلقت الْأَدِيم إِذا قدرته خفا أَو غَيره وَخلق الثَّوْب وأخلق لم يبْق

<<  <   >  >>