للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْوَاحِد إِنَّه خير وَشر غذا أردْت بِأحد الْقَوْلَيْنِ إِخْبَار عَن عاقبته وَإِنَّمَا يكونَانِ نقيضين إِذا كَانَا من وَجه وَاحِد

الْفرق بَين الصَّبْر والحلم

أَن الْحلم هُوَ الْإِمْهَال بِتَأْخِير الْعقَاب الْمُسْتَحق والحلم من الله تَعَالَى من العصاه فِي الدُّنْيَا فعل يُنَافِي تَعْجِيل الْعقُوبَة من النِّعْمَة والعافية وَلَا يجوز الْحلم إِذا كَانَ فِيهِ فَسَاد على أحد من الْمُكَلّفين وَلَيْسَ هُوَ التّرْك لتعجيل الْعقَاب لِأَن التّرْك لَا يجوز على الله تَعَالَى لِأَنَّهُ فعل يَقع فِي مَحل الْقُدْرَة يضاد الْمَتْرُوك وَلَا يَصح الْحلم إِلَّا مِمَّن يقدر على الْعقُوبَة وَمَا يجْرِي مجْراهَا من التَّأْدِيب بِالضَّرْبِ وَهُوَ مِمَّن لَا يقدر على ذَلِك وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِر من الْبَسِيط

(لَا صفح ذل وَلَكِن صفح أَحْلَام ... )

وَلَا يُقَال لتارك الظُّلم حَلِيم إِنَّمَا يَا قَالَ حلم عَنهُ إِذا أخر عِقَابه أَو عَفا عَنهُ وَلَو عاقبه كَانَ عادلا وَقَالَ بَعضهم ضد الْحلم السفة وَهُوَ جيد لِأَن السَّفه خفَّة وعجلة وَفِي الْحلم أَنَاة وإمهال وَقَالَ الْمفضل السَّفه فِي الأَصْل قله المعرفو بِوَضْع الْأُمُور موَاضعهَا وَهُوَ ضعف الرَّأْي قَالَ أَبُو هِلَال وَهَذَا يُوجب أَنه ضد الْحلم لِأَن الْحلم من الْحِكْمَة وجود الْفِعْل على جِهَة

الصوال قَالَ الْمفضل ثمَّ اجري السفة على كل جهل وخفة يُقَال سفه رايه سفها وَقَالَ الْفراء سفه غير مُتَعَدٍّ وَإِنَّمَا ينصب رَأْيه على التَّفْسِير وَفِيه لُغَة أُخْرَى سفه يسفه سفاهة وَقيل السَّفِيه فِي قَوْله تَعَالَى (فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها) هُوَ الصَّغِير وَهَذَا يريجع إِلَى أَنه الْقَلِيل الْمعرفَة وَالدَّلِيل على أَن الْحلم أجْرى مجْرى الْحمة نقيضا للسفه قَول المتلمس من الطَّوِيل

(لذِي الْحلم قبل الْيَوْم مَا تقرع الْعَصَا ... وَمَا علم الْإِنْسَان إِلَّا ليعما)

أَي لذِي الْمعرفَة والتمييز وأصل السفة الخفة ثوب سَفِيه أَي خَفِيف

<<  <   >  >>