للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفرق بَين الْفساد والقبيح

أَن الْفساد هُوَ التَّغْيِير عَن الْمِقْدَار الَّذِي تَدْعُو اليه الْحِكْمَة وَالشَّاهِد أَنه نقيض الصّلاح وَهُوَ الاسْتقَامَة على مَا تَدْعُو اليه الْحِكْمَة وَإِذا قصر عَن الْمِقْدَار أَو أفرط لم يصلح وَإِذا كَانَ على الْمِقْدَار صلح والقبيح مَا تزجر عَنهُ الْحِكْمَة وَلَيْسَ فِيهِ معنى الْمِقْدَار

الْفرق بَين الْفساد والغي

أَن كل غي قَبِيح وَيجوز أَن يكون فَسَاد لَيْسَ بقبيح كفساد التفاحة بتعينها وَيذْهب بذلك إِلَى أَنَّهَا تَغَيَّرت عَن الْحَال الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا وَإِذا قُلْنَا فلَان فَاسد اقْتضى ذَلِك أَنه فَاجر وَإِذا قلت أَنه غاو اقْتضى فَسَاد الْمَذْهَب والاعتقاد

الْفرق بَين الغي والضلال

أَن أصل الغي الْفساد وَمِنْه يُقَال غوي الفصيل إِذا بشم من كَثْرَة شرب اللَّبن وَإِذا لم يرو من لبن أمه فَمَاتَ هزلا فالكلمة من الأضداد وأصل الضلال الْهَلَاك وَمِنْه قَوْلهم ضلت النَّاقة إِذا هَلَكت بضياعها وَفِي الْقُرْآن (إِذا ضللنا فِي الأَرْض) أَي هلكنا بتقطع أوصالنا فَالَّذِي يُوجِبهُ أصل الْكَلِمَتَيْنِ أَن يكون الضلال عَن الدّين أبلغ من الغي فِيهِ وَيسْتَعْمل الضلال أَيْضا فِي الطيرث كَمَا يسْتَعْمل فِي الدّين فَيُقَال ضل عَن الطَّرِيق غذا فَارقه وَلَا يسعمل الفي إِلَّا فِي الدّين خَاصَّة فَهَذَا فرق آخر وَرُبمَا اسْتعْمل الغي فِي الخيبة يُقَال غوى الرجل إِذا خَابَ فِي مطلبة وَأنْشد قَول الشَّاعِر من الطَّوِيل

(فَمن يلق خيرا يحمد النَّاس أمره ... وَمن يغو لَا يعْدم الغي لائما)

وَقيل أَيْضا معنى الْبَيْت أَن من يفعل الْخَيْر يحمد وَمن يفعل الشَّرّ يذم فَجعل من الْمَعْنى الأول وَيُقَال أَيْضا ضل عَن الثَّوَاب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (كَذَلِك يضل الله الْكَافرين) والضلال بِمَعْنى الضّيَاع يُقَال هُوَ ضال فِي قومه أَي ضائع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (ووجدك ضَالًّا فهدى) أَي ضائعا فِي قَوْمك لَا يعْرفُونَ منزلتك وَيجوز أَن

<<  <   >  >>