للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّعْظِيم للمنعم وَالْحَمْد بالجميل على جِهَة التَّعْظِيم الْمَذْكُور بِهِ أَن يحمد على النِّعْمَة وَغير النِّعْمَة وَالشُّكْر لَا يَصح إِلَّا على النِّعْمَة وَيجوز أَن يحمد الْإِنْسَان نَفسه فِي أُمُور جميلَة يَأْتِيهَا وَلَا يجوز أَن يشكرها لِأَن الشُّكْر يجْرِي مجْرى قَضَاء الدّين وَلَا يجوز أَن يكون للْإنْسَان على نَفسه دين

فالاعتماد فِي الشُّكْر على مَا توجبه النِّعْمَة وَفِي الْحَسَد على مَا توجبة الْحِكْمَة ونقيض الْحَمد الذَّم إِلَّا على إساءة وَيُقَال الْحَمد لله على الْإِطْلَاق وَلَا يجوز أَن يُطلق إِلَّا لله لِأَن كل إِحْسَان فَهُوَ مِنْهُ فِي الْفِعْل أَو التسبيب والشاكر هُوَ الذاكر بِحَق المنعمت بِالنعْمَةِ على جِهَة التَّعْظِيم وَيجوز فِي صفة الله شَاكر مجَازًا وَالْمرَاد أَنه يجازي على الطَّاعَة جَزَاء الشَّاكِرِينَ على النِّعْمَة وَنَظِير ذَلِك قَوْله تَعَالَى (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا) وَهَذَا تلطف فِي الاستدعاء إِلَى النَّفَقَة فِي وُجُوه الْبر وَالْمرَاد أَن ذَلِك بِمَنْزِلَة الْقَرْض فِي إِيجَاب الْحق وأصل الشُّكْر إِظْهَار الْحَال الجميلة فَمن ذَلِك دَابَّة شكور إِذا ظهر فِيهِ السّمن من قلَّة الْعلف وأشكر الضَّرع إِذْ امْتَلَأَ وأشكرت السحابة امْتَلَأت مَاء والشكير قضبان غضة تخرج رخصَة بَين القضبان العاسية والشكير من الشّعْر والنبات صفار نبت خرج بَين الْكِبَار مشبهة بالقضبان الغضة وَالشُّكْر بضع الْمَرْأَة وَالشُّكْر على هَذَا الأَصْل إِظْهَار حق النِّعْمَة لقَضَاء حق الْمُنعم كَمَا أَن الْكفْر تَغْطِيَة النعم لإبطال حق الْمُنعم فإنت قيل أَنْت تَقول الحمدت الله شكرا فتجعل الشُّكْر مصدرا للحمد فلولا اجْتِمَاعهمَا فِي الْمَعْنى لم يجتعما فِي اللَّفْظ قُلْنَا هَذَا مثل قَول قتلته صبرا وأتيته سعيا وَالْقَتْل غير الصَّبْر والإتيان غير السَّعْي وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا بَاب مَا ينصب من المصادر لِأَنَّهُ حَال وَقع فِيهَا الْأَمر وَذَلِكَ كَقَوْلِك قتلته صبرا وَمَعْنَاهُ أَنه لما كَانَ الْقَتْل يَقع على ضروب وأحوال بَين الْحَال الَّتِي وَقع فِيهَا الْقَتْل وَالْحَال الَّتِي وَقع فِيهَا الحمدت فَكَأَنَّهُ قَالَ قتلته تفي هَذِه الْحَال وَالْحَمْد لله شكرا أبلغ من قَوْلك الْحَمد لله حمدا لِأَن ذَلِك للتوكيد وَالْأول معنى وَهُوَ أَي أَحْمد فِي

<<  <   >  >>