للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: مبحث التجدد في الصفات والأفعال]

قبل أن أقول شيئاً من عند نفسي ومن فهمي أستحسن أن أنقل هنا قطعة قصيرة من كلام الإمام الطحاوي في عقيدة مفسرة بكلام الشارح وموضحة.

قال الإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة: "ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان بصفاته أزلياً كذلك لا يزال عليها أبدياً"، وهذا كلام موجز جداً، ولكنه مليء يحمل في طياته معنى عظيماً وعميقاً.

قال الشارح - وهو يشرح هذا الكلام ويوضحه: أي أن الله سبحانه وتعالى، لم يزل متصفاً بصفات الكمال، صفات الذات وصفات الفعل، ولا يجوز أن يعتقد أن الله اتصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها، لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفة نقص، فلا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفاً بضده.

ثم قال الشارح: ولا يرد على هذه (القاعدة) صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها، كالخلق والتصوير، والإحياء والإماتة والقبض، والبسط والطي والاستواء، والإتيان والمجيء والنزول والغضب والرضى، ونحو ذلك مما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا، ولكن أصل معناه معلوم لنا كما قال الإمام مالك رضي الله عنه ورحمه لما سئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ١ كيف استوى؟ فقال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". ثم قال الشارح: "وإن كانت هذه الأفعال تحدق في وقت دون وقت كما في


١ سورة طه آية: ٥.

<<  <   >  >>