للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التشبيه والتجسيم، بل سلكوا طريقاً وسطاً بين التعطيل والتشبيه والتجسيم، وهو طريق السلامة كما ترى، وكما سيتضح عندما نأخذ في التفصيل إن شاء الله.

وسر المسألة أن معرفة حقيقة الصفة وكيفيتها تابعة لمعرفة حقيقة الموصوف وكيفيته، فإذا كان إيمان العباد بالله إيمان إثبات وتسليم دون محاولة لمعرفة حقيقة ذاته سبحانه فيلزم أن يكون إيمانهم بصفاته كذلك إيمان إثبات وتسليم لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يسلم إيمان المرء إلا بهذا التسليم وحده، ذلك لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحذو حذوه، ولا فرق عندهم بين هذه الصفات الخبرية التي نتحدث عنها وبين الصفات الأخرى من صفات المعاني والمعنوية والسلبية التي تقدمت، وتقدم الحديث عنها في غير موضع من الرسالة إذ كلها تبقى على ظاهرها، الظاهر الذي يليق بالله تعالى، ولا يفهم من النصوص إلا ذلك الظاهر اللائق، بل لا يجوز أن يعتقد أن النصوص قد تدل بظاهرها على مالا يليق بالله، لما في ذلك من إساءة أدب، بل إساءة ظن بالله الذي أنزل تلك النصوص، وأوحى بها إلى رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام. وهل يجوز أن يعتقد أن الله ينزل آيات، ويوحي إلى نبيه بأحاديث ظاهرها ضلال أو كفر؟ ثم إن الرسول نفسه عليه الصلاة والسلام لا يبين المعاني الصحيحة الحقة لأصحابه؟! ‍ فلازم ذلك أن الصحابة لم يفهموا هذه النصوص على حقيقتها، فكيف يفهمون لأن الرسول لم يبين لهم تلك الحقيقة التي فهمها الخلف فيما بعد، وليت شعري من أين فهموها؟!!

وقصارى القول: أن صفة الاستواء وما ذُكر بعدها في الصفحة السابقة من الصفات تبقى على ظاهرها كما يليق بالله تعالى، هذا هو موقف السلف بالاختصار.

<<  <   >  >>