للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: مذهب جمهور النحويين أنه لا يجوز حذف أدوات الشرط، لا "إنْ" ولا غيرها١.

قال أبو حيان: وقد جوَّز ذلك بعضهم في "إنْ". قال: ويرتفع الفعل بحذفها، وجعل منه قول ذي الرِّمَّة:

وإنسانُ عيني يَحْسِرُ الماءُ تارةً ... فيبدو وتارات يَجُمُّ فيَغْرَقُ٢

أي: إن يحسر الماءُ٣. فلما حذفت "إنْ" ارتفع الفعل.

وإنما قدر بعضهم فيه "إنْ" محذوفة، لأن قوله "وإنسانُ عيني" مبتدأ، وجملة "يحسر الماءُ تارةً" خبره، وليس ثَمَّ رابط لهذه الجملة بالمبتدأ. فلما خلت من الرابط ذهب من ذهب إلى أصلها جملة شرطية، إذ إنه لا يشترط في الشرط إذا ما وقع خبراً أن يكون الرابط في جملة الشرط، بل قد يكون في جملة الجزاء نحو: زيد إنْ تقم هند يغضب٤.

وخرَّج بعض المحققين بيت ذي الرمة على أنه من عطف جملة فيها ضمير المبتدأ وهي قوله: "يبدو" بفاء السببية على الجملة المخبر بها الخالية منه وهي


١ انظر: الارتشاف ٢ / ٥٦١، توضيح المقاصد ٤ / ٢٦٠.
٢ من "الطويل".
إنسان العين: النقطة السوداء التي تبدو لامعة وسط السواد. "يحسر": يكشف يجمّ: يكثر.
والبيت في: الديوان ٤٧٩، مجالس ثعلب ٢/٥٤٤، المسائل البصريات ١/٣٦٠، المحتسب ١/١٥٠، المقرب ١ / ٨، تذكرة النحاة ٦٦٨، المغني ٦٥١، أوضح المسالك ٣ / ٣٦٢، المقاصد النحوية ١/٥٧٨، ٤/٤٤٩، الهمع ٢/١٩، شرح الأشموني ١/١٩٦، الخزانة ٢/١٩٢.
٣ انظر: الارتشاف ٢ / ٥٦١، وانظر: توضيح المقاصد ٤ / ٢٦٠.
٤ انظر التذييل والتكميل ج ٥ لوحة ١٦٢، ١٦٣. وانظر: الخزانة ٢ / ١٩٢.

<<  <   >  >>