للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الضرورات الشعرية في ألفية ابن مالك]

[مدخل]

...

لكونه كوناً مطلقاً.

ويمكن حمل بيت الألفية على وجه آخرَ هو أن يراد بالاستقرار الثبوت، وكذا يحمل الكون في قول الشاعر على الثبوت وعدم التزلزل والانفكاك فيصير كوناً خاصاً ويخرج من بيت الضرورة، لأنه حينئذٍ يجوز ذكره، وحذفه.

ونظير هذا ما قاله أبو البقاء العكبري١ وغيره٢ في قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} ٣: إن الاستقرار في الآية معناه الثبوت، وعدم التحرك، لا مطلق الوجود والحصول، فهو كون خاص٤.

وقال في باب "لا النافية للجنس":

ومفرداً نعتاً لمبنيٍّ يلي ... فافتح أوِ انصبَنْ أو ارفع تَعْدِلِِ٥

فإن قوله: "ومفرداً نعتاً" مفعول مقدم لقوله: "افتح أو انصب أو ارفع" من باب التنازع مع تأخر العوامل. وقد قدَّم "مفرداً" على "نعتاً" وحقه التأخير، لأنه وصف له لأجل الضرورة.

ويجوز نصبه - أعني "مفرداً" - على الحالية، لأنه وصفٌ لنكرة تقدم عليها٦. وعليه فلا ضرورة في البيت.

وقال في باب "المفعول معه":

والنصبُ إنْ لم يجزِ العطفُ يجب ... أو اعتقد إضمارَ عاملٍ تُصِبْ٧


١ قال العكبري: " مستقراً " أي ثابتاً غير متقلقل، وليس بمعنى الحصول المطلق، إذ لو كان كذلك لم يذكر". التبيان ٢/١٠٠٩.
٢ انظر: الدر المصون ٨/٦١٦، الفتوحات الإلهية ٣/٣١٥.
٣ من الآية ٤٠ من سورة النمل.
٤ انظر: تمرين الطلاب في صناعة الإعراب ٢٨، وانظر: المغني ٥٨١.
٥ الألفية ص٢١.
٦ انظر: شرح المكودي ٥١.
٧ الألفية ص٢٨.

<<  <   >  >>