للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أيديهم، وقيل إن منجمه قال له: لا تتعب نفسك فما لك معهم طالع وهم الغالبون على البلاد لا محالة، فشغل نفسه بالفرار حتى مات، فلما استراح الططر ساروا إلى بخارى فقاتلوها ثلاثة أيام وكان فيها عشرون ألف فارس فهربوا (١) تحت الليل، فخرج إلى الططر أكابر البلد وأخبروهم أن جند السلطان قد فروا وقالوا: نحن رعية من ملكنا فإن حلفتم لنا وأمنتمونا مكناكم من المدينة فحلفوا بأيمانهم وبذلوا لهم الأمان ووصلوا بخارى يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة فقاتلوا القلعة المعروفة بالقهنداز اثني عشر يوما ثم دخلوها عنوة فقتلوا جميع من فيها حتى الكلاب والقطط وضربوا برؤوس الأطفال الحيطان وقالوا: كذا نصنع بكل من امتنع منا وأغلق باباً في وجوهنا، ثم إنهم أمروا أهل بخارى بالخروج إلى ظاهرها بنسائهم وأولادهم بعد ما أخذوا جميع سلاحهم، فلما أخرجوا الجميع قالوا: ميزوا فقراءكم من أغنيائكم، فلما تميزوا اقتسموا الأغنياء وأحالوا على الفقراء السيف وأبقوا على أرباب الصنائع من ينتفعون به وفجروا بالنساء أمام الرجال فكان من الناس من ذهب عقله ومنهم من خطف دبوساً أو سيفاً وقاتل حتى قتل ثم انهم عذبوا الأغنياء على الأموال حتى ودوا أنهم ماتوا، ودرى (٢) الططر أنهم لم يبق عندهم شيء فقتلوهم عن آخرهم.

بختة (٣)

بلدة في بلاد البجة من أرض الحبشة وهي مسكونة وبها سوق وإليها تنسب الجمال البختية وليس يوجد على وجه الأرض جمال أحسن منها ولا أصبر على السير ولا أسرع خطى وهي بديار مصر معروفة بذلك.

البخراء (٤)

منزل من منازل البحرين بين البصرة والاحساء، وقيل هي أرض بالشام سميت بذلك لعفونة تربتها ونتن ريحها. وكان الوليد بن يزيد توجه إليها يغتذي بها ويشرب ألبان اللقاح يتطلب الصحة ويستبعد من الوباء وكان ماجناً سفيهاً مستخفاً بأهل الدين، وأخباره في ذلك مشهورة، فأقبل إليه يزيد بن الوليد بن عبد الملك من دمشق في المعتزلة وصلحاء القدرية منكرين

لفعل الوليد فقتلوه بالبخراء سنة ست وعشرين ومائة، وكان معطلاً وله أخبار قبيحة.

بدر (٥)

ماء على ثمانية وعشرين فرسخاً من المدينة في طريق مكة، وبين مدينة الجار إلى بدر نحو المشرق إذا أردت المدينة عشرون ميلاً وهناك قرية فيها حدائق نخل، وببدر عين فوارة، وموضع القليب الذي كانت بازائه الوقيعة المباركة الإسلامية هو اليوم نخيل وموضع الشهداء خلفه، وببدر عينان جاريتان عليهما الموز والعنب والنخل قيل كان قريش بن بدر بن الحارث بن مخلد (٦) بن النضر بن كنانة وكيل بني كنانة في تجاراتهم وكان يقال قدمت عير قريش فسمت قريش به قال: وهو صاحب بدر الذي لقي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي قريش أنبط هنالك بئراً فنسب إليه، وقيل سميت بدراً لأنه كان ماء لرجل من جهينة اسمه بدر، وهو موضع الوقيعة المباركة التي لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها صناديد قريش وأشرافهم فأوقع بهم فقتل الله تعالى طغاتهم وأكابرهم، وهي أول غزواته صلى الله عليه وسلم التي قاتل فيها وهي بدر الكبرى وفيها قال الله تعالى " لقد نصركم الله ببدر "، وقال أمية ابن أبي الصلت يرثي من أصيب ببدر من المشركين من قصيدة (٧) :

ماذا ببدر فالعقن ... قل من مرازبة جحاجح (٨) وكانت وقيعة بدر يوم الخميس صبيحة سبع عشرة من رمضان على رأس سبعة عشر شهراً من مقدمه المدينة صلى الله عليه وسلم وقيل لسنة ونصف من مقدمه، وقال ابن شهاب: في شهر رمضان من سنة اثنتين.

وبدر موسم من مواسم العرب ومجمع من مجامعهم في الجاهلية وبها قلب ومياه وآبار ورياض يقال لها الأثيل منها ينبع والصفراء والجار والجحفة.

وهذه الوقيعة التي رفع الله بها قوماً في الدنيا والآخرة وخفض بها آخرين وأيد الله رسوله والمؤمنين بملائكته فقاتلت معه، قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: رأيت عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وعن


(١) ع: فهزموا.
(٢) ص: ورأى.
(٣) الإدريسي (د) : ٢٧.
(٤) معجم ما استعجم ١: ٢٣٠، والطبري ٢: ١٧٩٦ - ١٨٠٤، وقال ياقوت: ماء منتنة على ميلين من القليعة في طرف الحجاز.
(٥) بعضه من معجم ما استعجم ١: ٢٣١؛ رحلة الناصري: ٢١٩.
(٦) البكري وياقوت: يخلد، وأورد ياقوت أيضاً ((مخلد)) .
(٧) القصيدة في السيرة ٢: ٣٠.
(٨) العقنقل: الكثيب من الرمل، والمرازبة: جمع مرزبان وهو الرئيس، والجحاجح: السادة.

<<  <   >  >>