للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التمر منها جنس يعرف بالكسبا وهو الصيحاني يضرب به المثل لفضله على غيره، وجنس آخر يعرف بالياوي (١) أبيض أملس، وكان عبيد الله الشيعي صاحب القيروان يأمر عماله بالمنع من بيعه ويبعث ما هناك منه إليه لطيبه وحسنه، وتعرف هذه البلدة ببسكرة النخل، ويشق غابة بسكرة نهر كبير ينحدر من جبل أوراس يسقي بساتينها ونخيلها وهو نحو ستة أميال في غابة متصلة بالمدينة سوى غابات كورها وقراها. وحول بسكرة أرباض خارجة عن الخندق. وبسكرة دار فقه وعلم كثير وفيها العلماء وأهلها على مذهب أهل المدينة ولها من الأبواب باب المقبرة، وباب الحمام، وباب ثالث يسكنه المولدون. وحولها من قبائل البربر سدراتة ومغراوة. وداخل بسكرة آبار عذبة منها في الجامع بئر لا تنزف وداخل المدينة جنان يدخل إليها الماء من النهر، وبها جبل ملح يقطع منه كالصخر الجليل ومنه كان عبيد الله الشيعي وبنوه يستعملون في أطعمتهم وتعرف ببسكرة النخل (٢) .

ومن قرى بسكرة قرية ملشون منها كان أبو عبد الملك الملشوني، كان فقيهاً عالماً يحمل عنه العلم وهو الذي أخبر أن في طريق بسكرة جبلاً فيه كهف فيه رجل قتيل لم يعرف أحد من أي عهد هو ولم تغيره الدهور ولا تقادم الأزمان كأنما جراحه تقطر دماً، ويخبر الكافة عن الكافة والخلف عن السلف أنهم كذا عرفوه مذ كانوا، وقد نقله أهل تلك النواحي ودفنوه بأفنيتهم تبركاً به ثم لم يلبثوا أن وجدوه في الكهف على حاله، حدث بذلك ثقات أهل تلك النواحي، ويقال إنه من الحواريين، قيل إن هذا القتيل في شق جبل في شرقي عين أوبار (٣) وهي عين عظيمة بين مدينة مرماجنة ومدينة سبيبة، وذكر أنه بجبل لواتة وأنه كأنما ذبح من يومه وأنه هناك من قبل فتح إفريقية.

بسطام (٤) :

من عمل قومس مدينة حسنة عليها سور تراب، وبها أسواق عامرة وجبايات قائمة، ومنها أبو يزيد البسطامي واسمه طيفور بن عيسى بن شوشان، كان من قدماء مشايخ القوم، له كلام حسن في المعاملات وأحوال سنية وفراسة حادة ورياضة لأصحابه حسنة؟ قال الجنيد: كان الخلق يركضون فإذا بلغوا ميدان أبي يزيد هملجوا. ومات سنة إحدى وستين ومائتين ابن ثلاث وتسعين سنة وله أخوان آدم أكبر منه وعلي أصغر منه وكانا أيضاً زاهدين عابدين.

بشنتار (٥) :

مدينة بالصين فيها رئيس من قبل البغبوغ وله خيول ورجال وحشم وعبيد وملك عظيم وهو يقاتل الترك الداخلين إليه، ممن يجاوره منهم.

بشرى (٦) :

من مدن نفزاوة وهي مدينة مسورة قديمة لها غابة كبيرة، وهي كثيرة النخل والزيتون وجميع الفواكه.

بهرسير (٧) :

بالعراق، والمدائن على مسافة يوم من بغداد ويشتمل مجموعها على مدائن متصلة مبنية على جانبي دجلة شرقاً وغرباً، ودجلة يشق بينها ولذلك سميت المدائن فالغربية منها هذه التي تسمى بهرسير والشرقية تسمى العتيقة وفيها القصر الأبيض الذي لا يدرى من بناه، ويتصل بهذه المدينة العتيقة المدينة الأخرى التي كانت الملوك تنزلها وفيها إيوان كسرى العجيب الشأن الشاهد بضخامة ملك بني ساسان، ويقال إن سابور ذا الأكتاف منهم هو الذي بناه.

بهنسى (٨) :

مدينة بصعيد مصر في الجهة الغربية من الخليج الخارج من معظم النيل، وهي عامرة بالناس جامعة لأمم شتى، ومن هذه المدينة إلى مصر سبعة أيام، وبهذه المدينة تعمل الستور البهنسية وتنسج الطرز والمقاطع السلطانية والمضارب الكبار والثياب المتخيرة ويقيم بها التجار الستور الثمينة طول الستر ثلاثون ذراعاً وأزيد وأنقص، قيمة الاثنين منها مائتا مثقال وأكثر من ذلك وأقل، ولا يصنع فيها شيء من الستور والأكسية وسائر الثياب من الصوف والقطن إلا وفيها اسم المتخذ له (٩) مكتوباً على ذلك مطرزاً (١٠) جيلاً بعد جيل، وهذه الأكسية والفرش مشهورة في جميع الأرض.


(١) البكري والاستبصار: باللياري.
(٢) هكذا كرره هنا.
(٣) البكري: عين أربان، الاستبصار: عين أوبان.
(٤) ياقوت (بسطام) والكرخي: ١٢٤.
(٥) كذا وردت، وفي نزهة المشتاق: ٧١ بشهيار، وكذلك هي في جنى الأزهار: ٢١.
(٦) عند اليعقوبي: ٣٥٠ بشرة؛ والمؤلف متابع للاستبصار: ١٥٧.
(٧) راجع في ما تقدم مادة ((أبيض المدائن)) .
(٨) الإدريسي (د) : ٥٠، وجتى الأزهار: ١٠.
(٩) الإدريسي: إلا وفيها اسم الطرز المتخذة بها كانت من طرز الخاصة أو من طرز العامة سمة مكتوبة فعلها الجيل المتقدم وتبعهم على ذلك من خلفهم.
(١٠) ص ع: مصراً.

<<  <   >  >>