للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبتلك النواحي، وكانت عامرة بالناس فخربت وتغلبت الحيات على أرضها فلا يمكن دخولها لهذا السبب.

[جزيرة الكلب:]

بالهند أو بالصين (١) فيها معادن الذهب، ولا يتزوج الرجل منهم بامرأة إلا أن يكون صداقها قحف رأس قتله، فإن كان معه قحفان أو ثلاثة قيل هذا الرجل يرغب فيه ومثله يزوج فإن له بأساً وشدة وجلداً (٢) ، ولهم قتال بالحراب، وهم يصطادون الفيلة، ومن وراء هؤلاء الذين في هذه الجزيرة قوم يأكلون الناس يرمونهم بالسهام، فإذا قتلوا الرجل أكلوه، ومأواهم رؤوس الجبال، وهم عراة وألوانهم بيض ولهم جمال وحسن.

جزيرة العقل (٣) :

هي جزيرة بين ساحل اليمن وساحل الحبشة فيها ما يعرف بماء العقل يستقي منه أهل المراكب، ويفعل في القرائح فعلاً عجيباً.

الجزعة (٤) :

موضع في الكعبة، حكي أن الرشيد لما حج ومعه ولداه محمد وعبد الله وذلك في سنة ست وثمانين ومائة مر بالمدينة فأعطى أهل العطاء بها ثلاثة أعطية، وبدأ في العطاء بنفسه، ونودي باسمه ووزن له عطاؤه فجعل ذلك في كمه، وفعل ذلك بالأمين والمأمون ثم بني هاشم وغيرهم، وكانوا يقومون إلى الأمين فيعطيهم عطاء ثانياً، ثم إلى المأمون فيعطيهم عطاء ثالثاً، ثم شخص إلى مكة فأعطى أهلها عطاءين وكتب الشروط بين محمد والمأمون وأشهد عليهما وعلق الشرطين في الكعبة. قال إبراهيم الحجبي: إن الكتاب لما رفع ليعلق بالكعبة وقع، قال: فقلت في نفسي: وقع قبل أن يرفع، إن هذا لأمر سريع انتقاضه قليل تمامه، وذكروا أنهم رأوا الرشيد في الليلة التي علق الشروط فيها أو صبيحتها وهو يطوف بالبيت فعدوا له ثمانين أسبوعاً وأنه لم يزل في ركوع وسجود وبكاء وتضرع وابتهال ليله كله. ولما حلف الرشيد ولده محمداً وأراد الخروج من الكعبة رده جعفر بن يحيى إلى الجزعة وقال له: إن غدرت بأخيك فخذلك الله حتى فعل ذلك ثلاثاً في كلها يحلف له بالخذلان إن غدر، ولهذا السبب اضطغنت أم جعفر على جعفر وقرفته بما قرفته به.

[جلولاء:]

بالعراق في أول الجبل، وهي مدينة صغيرة عامرة بها نخل وزروع، ومنها إلى خانقين سبعة وعشرون ميلاً. وعليها كانت الوقيعة أيام عمر رضي الله عنه بالفرس، وكان فتحها يسمى فتح الفتوح قتل فيها من الأعاجم مائة ألف وذلك سنة تسع عشرة، وكانت غنيمة المسلمين فيها أكثر منها يوم القادسية، بلغ السهم ستة آلاف درهم، وأصاب المسلمون اثني عشر ألف جارية كان بعضهن لكسرى، ولما أتي (٥) عمر رضي الله عنه بغنائم جلولاء قال: والله لا يظلها سقف دون السماء، فأمر بها فألقيت بين صفتي المسجد وطرح عليها الانطاع وبات عليها الخزان، فلما أصبح غدا ومعه المهاجرون والأنصار، فلما رآها عمر رضي الله عنه بكى، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ هذا يوم شكر، قال: والله ما أبكي إلا أني أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكرم على الله عز وجل وأحب إليه مني، ولكني قد كنت أعلم أنه قد كان يشتهي أن يصيب من هذا شيئاً يسد به خلة أصحابه، ثم قال: والله ما فتح الله هذا على قوم إلا جعل بأسهم بينهم. قال الحسن: فقسمه والله ما أدخل بيته منه خرصاً، والخرص: الحلقة التي تكون في الأذن. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة: " كيف بك إذا لبست سواري كسرى "؟ فلما أتي بهما عمر رضي الله عنه دعا سراقة، وكان رجلاً أزب كثير شعر الساعدين، فألبسهما إياه وقال له: قل الحمد لله، فقال: الحمد لله، قال: قل الذي سلبهما كسرى بن هرمز الذي كان يقول أنا رب السماء وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابياً من بني مدلج.

وكان عمر (٦) رضي الله عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن سرح هاشم بن عتبة إلى جلولاء في اثني عشر ألفاً واجعل على مقدمته القعقاع بن عمرو، وكان العجم اجتمعوا على مهران، وفصل هاشم من المدائن في اثني عشر ألفاً فيهم وجوه المهاجرين والأنصار وأعلام العرب، فطاولهم أهل فارس وجعلوا


(١) ع: وبالصين.
(٢) انظر معلومات مشابهة في مادة ((البينمان)) .
(٣) البكري (مخ) : ٦٠ ونخبة الدهر: ١٢٠، والمروج٣: ٣٥.
(٤) الأخبار التاريخية في هذه المادة وردت عند الطبري ٣: ٦٥١، والمسعودي، المروج ٦: ٣٢٦ - ٣٢٧، وعن الجزعة انظر الأزرقي ١: ٣١٢ - ٢١٤.
(٥) الطبري ١: ٢٤٦٦.
(٦) الطبري ١: ٢٤٥٦.

<<  <   >  >>