للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي مدينة حسنة متوسطة وعلى ضفة النهر الكبير، وهو نهر تصعد منه السفن السفرية، وفيما استدار بها من الأرض كلها شجر الصنوبر وبها الإنشاء الكثير، وهي خصيبة كثيرة الألبان والسمن والعسل واللحم، وبين القصر والبحر عشرون ميلاً.

قصر هرمز (١) :

بمدينة من أعمال الشيرجان وهي مدينة كرمان، بها مسجد جامع من بناء يعقوب بن الليث متين البناء جداً بأساطين الساج، وهي قصبة عظيمة، وهي على البحر الأعظم، وبها أشجار النخيل والسدر والموز وشجر يقال له الانبجي يشبه شجر التفاح، وثمره يشبه ثمر الأجاص الأبيض، وله نوى في صورة نوى الخوخ، ورائحته ذكية عطرة، وإذا مصصته جذبت ما فيه وبقي الجلد والنوى، وبها شجر الصبار وهو التمر الهندي، والغالب على غياضها شجر القرظ وأم غيلان والقصب، وهو جنس من النخل لا يؤكل لأنه لا لحم له وله نوى مستدير صلب، يثقب وتتخذ منه السبح، ويتخذون من سعفه الحصر، وله ليف رقيق يشبه خيوط الابريسم، وبناؤهم كله بالساج وخشب يقال له الزنجي لا ينبت بها غير هذين الصنفين لأن الأرضة تأتي على سائر الخشب، وأبوابها كلها ساج، ولا يمكن أن يفرش على الأرض في شيء من المدينة فرش ولا حصير ولا غيرها، فإن الأرضة تخرج من تحتها في يومين فتأتي عليها، وقعودهم ومقامهم إنما هو على الأسرة المنسوجة بالشريط، فأما الأغنياء فأسرتهم من أبنوس وساج منسوج بالخيزران ولباس أهلها أزر وميازر من كتان، غنيهم وفقيرهم وخبزهم من الذرة ولهم حنطة وشعير يبيعونها ولا يأكلونها.

ذو القصة (٢) :

على بريد من المدينة أخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه.

قعيقعان (٣) :

جبل بأعلى مكّة نزل به مضاض بن عمرو ومن معه من جُرْهم، فكان يعشر من دخل مكة من أعلاها. قالوا: وسمي قعيقعان لأن مضاض بن عمرو لما سار إلى السميدع معه كتيبة فيها

عدتها من الرماح والدرق والسيوف تقعقع بذلك فسمي بذلك قعيقعان، والقصة طويلة.

القُفّ (٤) :

واد من أودية المدينة، وكان رجل من الأنصار يصلي في حائط له بالقف في زمان التمر والنخل قد ذللت قطوفه بثمرها، فنظر فأعجبه ما رأى من ثمرها، ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لا يدري كم صلّى، فقال: لقد أصابني في مالي هذا فتنة، فجاء إلى عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وهو يومئذ خليفة، فذكر له ذلك وقال إنه صدقة فاجعله في سبيل الخير، فباعه عثمان رضي الله عنه بخمسين ألفاً، فسمي ذلك المال الخمسين.

قفط (٥) :

مدينة بالديار المصرية متوسطة المقدار أولية، لها سور وبينها وبين قوص أربعة أميال، وبها بربى، وبقربها شَعْراء كثيفة، وهي متباعدة من النيل، وفيها مزارع كثيرة البقول، وصابونها معروف النظافة وأهلها شيعة، وهي مدينة جامعة متحضرة، وبها أخلاط من الناس، وفيها بعض بقايا الروم.

قفصة (٦) :

مدينة من البلاد الجريدية، بينها وبين تقيوس مرحلة وهي كبيرة قديمة أزلية، كان عليها سور صخر جليل بأحكم صناعة جديد العمل في مرأى العين، يقال إن الذي بناه شيبان غلام النمرود بن كنعان، وكان اسمه منقوشاً على باب من أبوابها، وكان لها أربعة أبواب، وكان اسم قفصة مدينة الحنية، لأن فيها بنياناً قديماً مثل الحنية، فكانت تسمى بها، وهي متوسطة بين القيروان وقابس، وفي داخلها عيون كثيرة منها عينان كبيرتان معينتان، وليس لهما نظير في عذوبة مائهما وصفائه وكثرته، إحداهما عند باب الجامع تسمى بالراتب الكبير (٧) ، وهي عين عظيمة مبنية بالصخر الجليل من بنيان الأول سعتها نحو أربعين ذراعاً في مثلها، وفوقها عين أصغر منها تسمى رأس العين، وبينهما قنطرة من بنيان الأول ولا شك أن ماءهما واحد، وماء هذه العين شديد الصفاء يرى قعر العين من أعلاها، وفيها الماء نحو سبع قيم،


(١) كان من الممكن أن نعد ما جاء في هذه المادة وصفاً للشيرجان (خصوصاً وياقوت يذكر أنها كانت تسمى مدينة القصرين) ولكن هذا الوصف لا ينطبق على ما ذكره عن الشيرجان سائر الجغرافيين.
(٢) معجم ما استعجم ٣: ١٠٧٦.
(٣) السيرة ١: ١١٢، وانظر معجم ما استعجم ٣: ١٠٨٦، وياقوت (قيقعان) .
(٤) معجم ما استعجم ٣: ١٠٨٧.
(٥) مزج بين ما جاء في الاستبصار: ٨٧، والإدريسي (د) : ٤٨، ٤٩.
(٦) أكثر المادة الجغرافية عن الاستبصار: ١٥١ إلا حيث يجري التنبيه إلى النقل عن مصدر آخر، وقارن بالبكري: ٤٧، والإدريسي (د) : ١٠٤، وياقوت (قفصة) ، وايعقوبي: ٣٤٩.
(٧) الاستبصار: بالوادي الكبير.

<<  <   >  >>