للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعطيك أعظم من الآلاف قيمة، قال: إنما أريد أربعة دراهم، فضحك وقال: قد كان قيل لي أنك ستحتاج إلى أربعة دراهم فلا تجدها، فهجموا عليه فقال لهم يزدجرد: لا تقتلوني فإنه من اجترأ على قتل الملوك عاقبه الله تعالى في الدنيا بالحرب وفي الآخرة بالنار، واحملوني إلى ملك العرب فأصالحه عليكم وتأمنون، فأبوا وأعطوا الطحان وتراً، فدنا منه كأنه يكلمه فرمى بالوتر في عنقه وخنقه، وأخذوا ثيابه فصيروها في جراب، وختموا الجراب وقتلوا الطحان، وأوثقوا يزدجرد في الماء وانصرفوا؛ وقال قوم: إن يزدجرد لما أوى إلى منزل الطحان فنام قتله الطحان وأخذ متاعه، وألقى جسده في المرغاب، وجاء الطالبون له فخفي عليهم أثره عند منزل الطحان، فأخذوه به فأنكر أن يكون رآه، فضربوه فأقر لهم بقتله، وأخرج متاعه، فقتلوه وأهل بيته، ثم أخرج يزدجرد من النهر، وصير في تابوت وحمل إلى الصحراء أول سنة إحدى وثلاثين، وكان قتله في رزيق.

المراغة (١) :

من أعمال الرقة التي هي واسطة ديار مضر، وبين الرصافة والمراغة أربعة وعشرون ميلاً، والمراغة في طرف البادية، وهو حصن عامر والعرب تسرح في أرضه.

والمراغة (٢) مدينة حسنة كثيرة الخير والفواكه نزهة الأمطار لها بساتين وجنات وغلات، ويجلب إليها من بعض قراها بطيخ مستطيل أحمر الداخل أخضر الخارج طعمه يزيد على العسل في حلاوته.

وعلى ضفة (٣) النيل بقرب أنصنا بلد صغير يسمى المراغة فيه نخل وقصب سكر وزراعات وبساتين، وهي بغربي النيل، وبينها وبين أنصنا نحو خمسة أميال.

ومن أهل المراغة الشريف المراغي صاحب التعليق في الخلاف وكتاب " الجدل ". وفي المراغة يقول الحافظ أبو طاهر السلفي:

سقى الله المراغة كل يوم ... وحياها المساء وفي الصباح

أقمنا بينهم زمناً وعشنا ... بأفضل عيشة بين الصباح

وكنا من كبار محدثيها ... بأخبار وآثار صحاح ورأيت من وجه آخر أن المراغة مدينة أذربيجان، ونزل عليها الططر سنة ثمان عشرة وستمائة، فحاصروها أياماً وقتلوا أهلها، وفتحوها عنوة ووضعوا السيف في أهلها، فقتلوا منهم ما يخرج عن الإحصاء، وسبوا وحرقوا وفعلوا من المنكرات ما يطول ذكره. ودخل رجل من الططر داراً بالمراغة فيها عدة من رجال ونساء يزيدون على مائة، فلم يزل يقتلهم واحداً بعد واحد حتى أفناهم، ولم يمد إليه أحد منهم يده بسوء، مما صب الله تعالى عليهم من الخذلان.

مرج الأمير (٤) :

بالأندلس عند قرية مليس بقرب وادي آش، وبه عسكر الإمام عبد الرحمن بن محمد إذ كان محاصراً لحصن اشتبين.

[مرج الصفر:]

بالشام، به كانت وقيعة للمسلمين على نصارى الشام بعد وقعة أجنادين، وكان بين الوقيعتين عشرون يوماً، وكان ذلك قبل وفاة أبي بكر رضي الله عنه بأربعة أيام.

ولما كان (٥) المسلمون على دمشق محيطين بها أتاهم آت فأخبرهم أن هذا جيش قد جاءكم من قبل ملك الروم، فنهض خالد بن الوليد بالناس، فقدم الأثقال والنساء مع يزيد بن أبي سفيان، ووقف خالد وأبو عبيدة رضي الله عنهما من وراء الناس، ثم أقبلوا نحو ذلك الجيش، فإذا هو الدرنجار بعثه ملك الروم في خمسة آلاف رجل من أهل القوة والشدة ليغيث أهل دمشق، فصمد المسلمون صمدهم، وخرج إليهم أهل القوة من دمشق وكثير من أهل حمص، فالقوم نحو خمسة عشر ألفاً، فلما نظر خالد


(١) المؤلف ينقل عن نزهة المشتاق: ١٩٦، وصورة الكلمة عنده ((المراعة/ المزاغة/ المزاعة)) على التوالي، ولم أجد أحداً أشار إلى وجود بلد بهذا الاسم في منطقة الرقة، وأغلب الظن أن الصواب هو ((بزاعة)) ، وربما كان قلب الياء ميماً لهجة محلية.
(٢) هذه المراغة هي الواقعة في بلاد أذربيجان، والنقل عن نزهة المشتاق: ٢٠٥، وانظر الكرخي: ١٠٨، وابن حوقل: ٢٨٨، وابن الفقيه: ٢٨٤، وياقوت (المراغة) وآثار البلاد: ٥٦٢، وتقويم البلدان: ٣٩٨.
(٣) الإدريسي (د) : ٤٦ (OG: ١٢٥) ، وانظر التاج (مرغ) .
(٤) بروفنسال: ١٨١، والترجمة: ٢١٨.
(٥) فتوح الأزدي: ٨٢ - ٨٤ مع بعض اختلاف.

<<  <   >  >>