للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأصحاب الفيل "، والقصة مبسوطة في سير ابن إسحاق أيضاً، والميم الثانية في المغمس مكسورة وروي فتحها فأما الأولى فمضمومة، وقال أبو الصلت الثقفي:

حبس الفيل بالمغمس حتى ... ظل يحبو كأنه معقور

مغانجه (١) :

بقرب الدرب في بلاد افرنجة، وهي مدينة عظيمة جداً لا يسكن منها إلا بعضها لانخراقها واتساعها، وسائرها مزارع، وهي على نهر عظيم كان عليه في الزمان القديم قنطرة من صخر جليل على حنايا عالية، فكان لصوص الصقالبة وغيرهم قبل تبصرهم يعبرون عليها فيغيرون على نواحي مغانجة، فأمر صاحبها يومئذ بخراب القنطرة فخربت وهدمت أرجلها حتى ساوت الماء، وبقبلي مغانجة خارج منها كنيسة كبيرة يعظمها النصارى، وموضع مغانجة أشرف موضع في جميع بلاد النصارى، وهي من غر البلدان ولها أحواز واسعة، وهي كثيرة الحبوب والكروم والفواكه، ومنها تحمل الأطعمة والشراب إلى الأقاليم الموالية لها ويختلف إلى مدينة مغانجة أهل بردون واليهود بجهاز الأندلس وذلك غزل الحرير والخز والبياض والشقيق والزئبق والأحمر واللاذن والزعفران وغير ذلك من السلع والبضائع، وفي أحواز مغانجة الخيل العتاق.

مقور (٢) :

جبل في شمال أرض كوار فيه عروق ترابية لينة تنفع من أوجاء العين الرمدة مثل ما ينفع رهج الغار الذي بعقر (٣) مدينة طلبيرة من بلاد الأندلس من جرب العين ويأكل ما فيها وهو غبار يوجد هناك لونه أخضر ما هو وهذا الغبار مشهور المنفعة في جميع بلاد الأندلس مجرب. وتتصل هذه الأرض بأرض الواحات، وهي المعروفة بأرض سنترية، وسنترية محدثة قريبة العهد.

مقرة (٤) :

بينها وبين المسيلة من بلاد الزاب مرحلة، وهي مدينة صغيرة وبها مزارع وحبوب، وأهلها يزرعون الكتان، وهو عندهم كثير، وبين مقرة وطبنة مرحلة، وبين طبنة وبجاية ست مراحل.

ومقرة هي المدينة العظمى وفيها منبر وعليها سور، وأهلها قوم من بني ضبة، وبها قوم من العجم، وحولها قوم من البربر، ولها حصون كثيرة.

[المقدس:]

بايليا، وكورة ايليا من فلسطين، والتقديس التطهير، والأرض المقدسة أربعون ميلاً في مثلها، وأول من بنى بيت المقدس وأري موضعه يعقوب، وقيل داود عليهما السلام، وكان من بناء داود عليه السلام له إلى وقت تخريب بخت نصر إياه وانقطاع دولة بني إسرائيل أربعمائة سنة وأربع وخمسون سنة، فلم يزل خراباً إلى أن بناه ملك من ملوك طوائف الفرس يقال له كوشك ثم تغلبت ملوك غسان على الشام بتمليك ملوك الروم لهم ودخولهم في نصرانيتهم، إلى أن جاء الله تعالى بالإسلام وملك الشام منهم جبلة بن الأيهم، ففتح الله الشام على المسلمين زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتولى أبو عبيدة رضي الله عنه على ايليا وحاصرها إلى أن صالحوه على أداء الجزية، على أن يكون عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو المتولي لعقد الصلح معهم، فكان ذلك سبب مسير عمر رضي الله عنه إلى الشام ومباشرته لعقد الصلح معهم، وهذا قد سبق فيما مضى من هذا الكتاب، وهو مذكور في فتوح الشام.

قالوا: وسخر عمر رضي الله عنه أنباط فلسطين في كنس بيت المقدس، وكانت فيه مزبلة عظيمة، وقد مر هذا أيضاً في ذكر ايليا.

ويوقد (٥) في مسجد بيت المقدس كل ليلة جمعة وفي النصف من شعبان وفي الأعياد ألفا شمعة سوى القناديل، وفيه من القباب خمس عشرة قبة سوى قبة الصخرة، وعلى سطح المسجد مع القباب من شقق الرصاص حاشا قبة الصخرة سبعة آلاف شقة وسبعمائة


(١) ذكرها القزويني في آثار البلاد: ٦٠٨، والأصل فيما يبدو هو البكري اعتماداً على الطرطوشي، وذكر أنها تقع على نهر ((رين)) وقد رأى فيها الطرطوشي سنة ٣٣١ دراهم من ضرب سمرقند، ورأى في أسواقها كثيراً من المواد التي لا توجد إلا في أقصى الشرق كالفلفل والزنجبيل والقرنفل؛ ولعلها هي ميانصة عند الإدريسي (Mainz) وكان اسمها اللاتيني (Myence) .
(٢) الإدريسي (د/ ب) : ٤٠/ ٢٦ (مقور أو مقون) (OG: ١١٩) .
(٣) الإدريسي: بقفر، والقراءة التي أثبتها محتلمة، فاللفظة في ع: بعفر، وفي ص: بصفر.
(٤) الإدريسي (د/ ب) : ٩٣/ ٦٦، وقارن بالبكري: ٥١.
(٥) عارضت هذه المادة بما في نزهة المشتاق: ١١٣، والكرخي وابن حوقل والمقدسي وابن الفقيه.... والمؤلف ينقل عن مصدر آخر، لعله مسالك البكري، وفي صبح الأعشى ٤: ١٠١ عن الروض.

<<  <   >  >>