للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحير في هذا بعض أصحاب القياس من الحنفيين والشافعيين والمالكيين كأبي الحسين القطان الشافعي وأبي الفرج القاضي المالكي لما رأوا عظيم تناقضهم في هذا الباب فقالوا دليل الخطاب على مراتب فمنه ما يفهم منه أن ما عدا القضية التي خوطبنا بها فحكمها كحكم هذه التي خوطبنا ومنه ما لا يفهم منه أن ما عدا القضية التي خوطبنا بها فحكمها بخلاف حكم هذه التي خوطبنا ومنه ما لا يفهم أن ما عدا القضية التي خوطبنا بها موافق لحكم هذه التي خوطبنا بها ولا مخالف

ومثلوا القسم الأول بقوله تعالى {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبلوالدين إحسانا إما يبلغن عندك لكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} قالوا ففهمنا أن غير {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبلوالدين إحسانا إما يبلغن عندك لكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} وبآيات كثيرة سنذكرها في باب القياس من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى لأن ذلك المكان أمكن بذكرها ومثلوا القسم الثاني بأمثلة اضطربوا فيها فقال الشافعيون والحنفيون من ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في سائمة الغنم في كل أربعين شاة شاة قالوا فدل ذلك على أن ما عدا السائمة لا زكاة فيها وأنها ليست بمنزلة السائمة وأدخل المالكيون هذا الحديث في القسم الأول وقالوا بل ما دل إلا أن غير السائمة بمنزلة السائمة وقال الألوان هذا بمنزلة من قال إذا دخل زيد الدار فأعطه درهما فيعلم أن هذا شرط فيه وإنه إن دخل أعطى درهما وإن لم يدخل لم يعط شيئا ومثل المالكيون هذا القسم الآخر بقوله تعالى {ولخيل ولبغال ولحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} قالوا فدل ذكر الركوب والزينة على أن ما عداهما ممنوع كالأكل ونحوه قال أبو محمد فأما هؤلاء المتحيرون الذين ذكرنا آخرا يعني الذين قالوا إن الخطاب قد يدل في مواضع على أن ما عداه بخلافه ويدل في مواضع أخر على أن ما عداه ليس بخلافه فإنهم لعبوا في هذا المكان بالخطاب كما يلعب بالمخراق

<<  <  ج: ص:  >  >>