للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحرمون ويقضون على الباري عز وجل وهذا كفر مجرد ومذهب أهل الدهر وهم لا يقولون ذلك فإن قالوا بل هي من فعل الله عز وجل وحكمه قلنا لهم أخبرونا عنكم أفعلها الله تعالى لعلة أو فعلها لغير علة فإن قالوا فعلها تعالى لغير علة تركوا أصلهم وأقروا أنه تعالى يفعل الأشياء لا لعلة وقيل لهم أيضا ما الذي أوجب أن تكون الأحكام الثواني لعلل وتكون الأفعال الأول التي هي علل هذه الأحكام لا لعلل وهذا تحكم بلا دليل ودعوى ساقطة لا برهان عليها وإن قالوا بل فعلها تعالى لعلل أخر سئلوا في هذه العلل أيضا كما سئلوا في التي قبلها وهكذا أبدا فلا بد لهم ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما إما أن يقفوا في أفعال ما فيقولون إنه فعلها لغير علة فيكونون بذلك تاركين لقولهم الفاسد إنه تعالى لا يفعل شيئا إلا لعلة أو يقولون بمفعولات لا نهاية لها وأشياء موجودة لا أوائل لها وهذا كفر وخروج عن الشريعة بإجماع الأمة وقبح الله قولا يضطر قائله إلى مثل هذه المواقف فبطل قولهم في العلل وصح قولنا إن الله تعالى يفعل ما يشاء إلا لعلة أصلا بوجه من الوجوه بهذا البرهان الضروري الذي لا انفكاك عنه وبالله تعالى التوفيق قال أبو محمد ويكفي من هذا كله أن جميع الصحابة رضي الله عنهم أولهم عن آخرهم وجميع التابعين أولهم عن آخرهم وجميع تابعي التابعين أولهم عن آخرهم ليس منهم

أحد قال إن الله تعالى حكم في شيء من الشريعة لعلة وإنما ابتدع هذا القول متأخرو القائلين بالقياس وأيضا فدعواهم إن هذا الحكم حكم به الله تعالى لعلة كذا فرية ودعوى لا دليل عليها ولو كان هذا الكذب عن أحد من الناس لسقط قائله فكيف على الله عز وجل

<<  <  ج: ص:  >  >>