للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ بَيَانُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ سُنَّتِ الأَضَاحِي

وَهُوَ مَا جَرَى لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَوَلَدِهِ، وَتَلْخِيصُ الْقِصَّةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي مَنَامِهِ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ نُقَرِّبُ قُرْبَانًا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَخَذَ سِكِّينًا وَحَبْلا ثُمَّ انْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا ذَهَبَا بَيْنَ الْجِبَالِ قَالَ لَهُ الْغُلامُ: أَيْنَ قُرْبَانَكَ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ.

فَقَالَ لَهُ: اشْدُدْ رِبَاطِي حَتَّى لا أَضْطَرِبَ، وَاكْفُفْ عَنِّي ثِيَابَكَ حَتَّى لا يَنْتَضِحَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ دَمِي فَتَرَاهُ أُمِّي فَتَحْزَنَ، وَأَسْرِعْ مَرَّ السِّكِّينِ عَلَى حَلْقِي لِيَكُونَ أَهْوَنَ لِلْمَوْتِ عَلَيَّ، فَإِذَا أَتَيْتَ أُمِّي، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنِّي.

فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي، وَيَقُولُ: نِعْمَ الْعَوْنُ أَنْتَ يَا بُنَيَّ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَّ السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِهِ فَلَمْ تَحُكَّ شَيْئًا وَانْقَلَبَتْ، فَقَالَ لَهُ: اطْعَنْ بِهَا طَعْنًا، فَطَعَنَ بِهَا فَنَبَتْ.

وَعَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمَا الصِّدْقَ فِي التَّسْلِيمِ، فَنُودِيَّ: يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا، هَذَا فِدَاءُ ابْنِكَ.

فَنَظَرَ إِبْرَاهِيمُ فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ، فَذَبَحَهُ، فَهَذَا كَانَ الأَصْلُ فِي سُنَّةِ الذَّبْحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>